أما أصحاب الحجر فهم قوم صالح ، والحجر تقع بين الحجاز والشام إلى وادي القرى ، وهي ظاهرة إلى اليوم. فقد نحتوها في الصخر في ذلك الزمان البعيد ، مما يدل على القوة والأيد والحضارة ....).
ثم علّق على قوله تعالى : (وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ) فقال :
(وهذه اللمحة الخاطفة من الأمن في البيوت الحصينة في صلب الجبال ، إلى الصيحة التي تأخذهم فلا تبقي لهم مما جمعوا ومما كسبوا ومما بنوا ومما نحتوا .. شيئا يغني عنهم ويدفع الهلاك الخاطف. هذه اللمحة تلمس القلب البشري لمسة عنيفة. فما يأمن قوم على أنفسهم أكثر مما يأمن قوم بيوتهم منحوتة في صلب الصخور. وما يبلغ الاطمئنان بالناس في وقت أشد من اطمئنانهم في وقت الصباح المشرق الوديع .. وهاهم أولاء قوم صالح تأخذهم الصيحة مصبحين وهم في ديارهم الحصينة آمنون. فإذا كل شىء ذاهب ، وإذا كل وقاية ضائعة ، وإذا كل حصين موهون. فما شىء من هذا كله بواقيهم من الصيحة. وهي فرقعة ريح أو صاعقة ، تلحقهم فتهلكهم في جوف الصخر المتين).
الفوائد :
١ ـ بمناسبة قوله تعالى : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ..) قال ابن كثير : وذكر في نزولها ما رواه موسى بن عبيدة عن مصعب بن ثابت قال : مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ناس من أصحابه يضحكون فقال : «اذكروا الجنة واذكروا النار». فنزلت : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ...) رواه ابن أبي حاتم وهو مرسل. وروى ابن جرير بسنده عن رجل من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم قال : طلع علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة فقال : «ألا أراكم تضحكون». ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى فقال : «إني لما خرجت جاء جبريل عليهالسلام فقال يا محمد إن الله يقول لك لم تقنط عبادي (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ....)
٢ ـ وبمناسبة حكايته تعالى ما أمر به لوط يوم أمر بالخروج : (وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ) لفت النظر ابن كثير أن رسولنا عليه الصلاة والسلام كان يفعل هكذا يقدم أصحابه أمامه قال ابن كثير : «وهكذا كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمشي في الغزو إنما يكون ساقة يزجي