قال الألوسي في تقديمه لسورة الحجر :
(أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم أنها نزلت بمكة وروي ذلك عن قتادة. ومجاهد. وفي مجمع البيان عن الحسن أنها مكية إلا قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) وقوله سبحانه : (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) وذكر الجلال السيوطي في الإتقان عن بعضهم استثناء الآية الأولى فقط ثم قال قلت : وينبغي استثناء قوله تعالى (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ) الآية لما أخرجه الترمذي وغيره في سبب نزولها وأنها في صفوف الصلاة ، وعلى هذا فقول أبي حيان ومثله في تفسير الخازن إنها مكية بلا خاف .. من قلة التتبع وهي تسع وتسعون آية ، قال الداني وكذا الطبرسي : بالإجماع وتحتوي ـ على ما قيل ـ على خمس آيات نسختها آية السيف.
ووجه مناسبتها لما قبلها أنها مفتتحة بنحو ما افتتحت به السورة السابقة ومشتملة أيضا على شرح أحوال الكفرة يوم القيامة وودادتهم لو كانوا مسلمين ، وقد اشتملت الأولى على نحو ذلك ، وأيضا ذكر في الأولى طرف من أحوال المجرمين في الآخرة ، وذكر هنا طرف مما نال بعضا منهم في الدنيا ، وأيضا قد ذكر سبحانه في كل مما يتعلق بأمر السموات والأرض ما ذكر ، وأيضا ... فيما يتعلق بإبراهيم عليهالسلام ، وأيضا في كل من تسلية نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ما فيه وغير ذلك مما لا يحصى».
كلمة في سورة الحجر ومحورها :
سورة الحجر هي كالمقدمة للسور الأربع الآتية بعدها ، وهي في الوقت نفسه تفصّل في مقدمة سورة البقرة ، فمحورها هو الآيات الأولى من سورة البقرة :
(الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.)
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) إنك لو تأملت سورة الحجر فإنك ستجد فيها : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ).