(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ* وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ* لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ.)
كما نجد فيها : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ* ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ.)
(وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ* لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) فالسورة تفصّل في شأن المتقين ، كما تفصّل في شأن الكافرين الذين لا ينفع معهم إنذار ، إنها تفصّل في مقدمة سورة البقرة ، مع تركيز على تفصيل أحوال الكافرين. قال صاحب الظلال :
(محور هذه السورة الأول هو إبراز المصير المخوّف الذي ينتظر الكافرين المكذبين .. وحول هذا المحور يدور السياق في عدة جولات متنوعة الموضوع والمجال ، ترجع كلها إلى ذلك المحور الأصيل سواء في ذلك القصة ، ومشاهد الكون ، ومشاهد القيامة ، والتوجيهات والتعقيبات التي تسبق القصص وتتخلله وتعقب عليه).
إن السورة تركز على تفصيل قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.) ولذلك فهي تدلنا على صفات هذا النوع من الكافرين الذين لا ينفع معهم إنذار ، إن من خلال المعنى أو من خلال القصة ، وتردّ على الذين يتصورون أن الله لا يعذب : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) وتضرب الأمثلة على أنواع من تعذيبه للكافرين في الدنيا. هذا هو محور سورة الحجر الرئيسي :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) إنها شرح لحال الكفار وموقفهم من الإنذار ، وهي في الوقت نفسه توجيه للنذير كيف يفعل وكيف يوجّه نذارته ، وبماذا يقابل رفضهم للإنذار ، كما أن فيها تعليلا لهذه الحالة من الكفر الطاغي الأعمى :
لاحظ هذه التوجيهات للنذير :
(ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ).