فلما كان «النبأ» مثل «الخبر» كان «أنبأته عن كذا» ، بمنزلة «أخبرته عنه» ، «ونبّأته عنه» مثل «خبّرته عنه» ، و «نبأته به» مثل «خبرته به».
وهذا يصحح ما ذهب إليه سيبويه ، من أن معنى «نبّأت زيدا» : نبّأت عن زيد ، فحذف حرف الجر ، لأن «نبأت» قد ثبت أن أصله «خبرت» / بالآى التي تلوناها ، فلما حذف حرف الجر وصل الفعل إلى المفعول الثاني ، ف «نبّأت» يتعدى إلى مفعولين : أحدهما ، يصل إليه بحرف جر ، كما أن «خبّرته عن زيد» كذلك.
فأما ما يتعدى إلى ثلاثة مفعولين نحو : نبأت زيدا عمرا أبا فلان. فهو فى هذا الأصل إلا أنه حمل على المعنى ، فعدّى إلى ثلاثة مفعولين.
وذلك أن الإنباء ، الذي هو إخبار ، إعلام ، فلما كان إياه فى المعنى ، عدّى إلى ثلاثة مفعولين كما عدّى الإعلام إليها.
ودخول هذا المعنى فيه ، وحصول مشابهته للإعلام لم يخرجه عن الأصل الذي هو له من الإخبار ، وعن أن يتعدى إلى مفعولين ، أحدهما : يتعدى إليه بالباء أو ب «عن» نحو : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) (١) ونحو قوله : (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ) (٢).
كما أن دخول «أخبرنى» فى : «أرأيت» لم يخرجه عن أن يتعدى إلى مفعولين ، كما كان يتعدى إليهما إذا لم يدخله معنى «أخبرنى به» ، إلا أنه امتنع من أجل
__________________
(١) الحجر : ٥١.
(٢) التحريم : ٣.