ذلك أن يرفع المفعول بعده على الحمل على المعنى ، من أجل دخوله فى حيّر الاستفهام ، فلم يجز : «أرأيت زيدا أبو من هو» كما جاز : «علمت زيدا أبو من هو» حيث كان المعنى : علمت أبو من زيد ، وذلك دخول معنى الإعلام فى الإنباء ، والتنبؤ لم يخرجهما عن أصليهما وتعدّيهما إلى مفعولين ، أحدهما يصل إليه الفعل بحرف الجر ، ثم يتّسع فيه فيحذف حرف الجر ، ويصل الفعل إلى الثاني.
فأما من قال : إن الأصل فى «نبأت» على خلاف ما ذكرنا ، فإنّه لم يأت على ما ادعاه بحجة ولا شبهة.
وأما قوله تعالى : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (١). فيحمل على وجهين :
أحدهما : أن يكون (نَبِّئْ) بمنزلة «أعلم» ، ويكون (أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) قد سدّ مسدّهما.
فيكون فى هذه ، فى قول الخليل على هذا ، فى موضع جر ، وعلى قول غيره ، فى موضع نصب.
فأما قوله تعالى : (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ) (٢) ، فإن جعلت «اللام» متعلّقة «بأنبئكم» ، جاز الجر ، فى «جنات» على البدل من «خير» ؛ وإن جعلته صفة «خير» لأنه نكرة ، جاز الجر فى «جنات» أيضا.
__________________
(١) الحجر : ٤٩.
(٢) آل عمران : ١٥.