وفى «التذكرة» فى قوله : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) (١) إلى قوله (يَغْفِرْ لَكُمْ) (٢) قيل : «تؤمنون» على إرادة «أن» فلما حذفت رفع ، كأنه : هل أدلكم على أن تؤمنوا ، على أنه بدل من «تجارة» فلما حذف رفع ، فيكون المعنى معنى «أن» ، وإن حذفت ، وأن يكون بمعنى «آمنوا» / أقوى ، لانجزام قوله «يغفر» ، ألا ترى أنه لا يخلو من أن يكون جوابا لقوله : (هَلْ أَدُلُّكُمْ) ، أو يكون جواب «آمنوا» ، فلا يكون جواب «هل أدلكم» لأنه ليست المغفرة تقع بالدلالة ، إنما تقع بالإيمان ، فإذا لم يمتنع أن يكون جوابا له ثبت أنه بمعنى الأمر. هذا قول سيبويه(٣).
وقال قوم : إنّ قول الفراء أجود ، وذا كأنّ «تؤمنوا» لا يقتضى جوابا مجزوما ، لأنه مرفوع والاستفهام يقتضيه ، وإذا وجب بالإجماع حمل الكلام على المعنى ، فأن يقدّر «هل تؤمنوا يغفر» أولى ، لارتفاع «تؤمنون» ، ولكون المعنى عليه ، ويكون «تؤمنون» بدلا من «أدلكم».
قال أبو عثمان فى قوله : (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٤) : التقدير فى «يقولوا» : «قولوا» ، لأنه إذا قال «قل» فقوله لم يقع بعد ، فوقوع «يفعل» فى موضع «افعلوا» غير متمكن فى الأفعال ، فلما وقع التمكن وقع «افعلوا» وهكذا تقول فى قوله :
إذا الدّين أودى بالفساد فقل له |
|
يدعنا ورأسا من معدّ نصارمه |
أي : دعنا. وهذا لا يرتضيه أبو علىّ ، لأن الموجب للبناء فى الاسم الواقع موقع المبنى لا يكون مثل ذلك فى الأفعال ، وإنما يكون فى الأسماء.
__________________
(١) الصف : ١٠ و ١١.
(٢) الصف : ١٢.
(٣) الكتاب (١ : ٤٤٨).
(٤) الإسراء : ٥٣.