فأما قوله تعالى : (قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) (١) ، فليس من هذا الباب ، لأنه مضاف إلى المعرب دون المبنى ، فانتصابه إنما هو على الظرف ، أي : هذا واقع يوم ينفع الصادقين ؛ أو يكون ظرفا ل «قال» ، أي : قال الله هذا فى ذلك اليوم.
وقال قوم : (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) (٢) : إن قوله (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ) (٣) مبنى على الفتح ، وهو فى موضع الرفع ، لأنه بدل من قوله (يَوْمُ الدِّينِ) (٤).
وقالوا : إنما بنى لأنه أضيف إلى الجملة ، والجملة لا يتبين فيها الإعراب ، فلما أضيف إلى شيئين كان مبنيّا.
وقالوا فى قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) (٥) فجرى ذكر «الدين». وهو الجزاء ، قال : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ) (٦) أي : الجزاء يوم لا تملك ، فصار (يَوْمَ لا تَمْلِكُ) خبر الجزاء المضمر ، لأنه حدث ، فيكون اسم الزمان خبرا عنه ؛ ويقوّى ذلك قوله : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) (٧).
ويجوز النصب على أمر آخر ، وهو أن «اليوم» لما جرى فى أكثر الأمر ظرفا ترك على ما كان يكون عليه فى أكثر أمره ؛ ومن الدليل على ذلك ما اجتمع عليه القراء فى قوله تعالى : (مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ) (٨).
__________________
(١) المائدة : ١١٩.
(٢) الذاريات : ١٢ ، ١٣.
(٣) الانفطار : ١٧.
(٤) الانفطار : ١٩.
(٥) غافر : ١٧.
(٦) الأعراف : ١٦٨.