الثاني والستون
هذا باب ما جاء في التنزيل من إجراء غير اللازم مجرى اللازم
وإجراء اللازم مجرى غير اللازم
فمن ذلك قوله : (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١) ، وقوله : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ)(٢). جعلوا «الواو» من قوله «وهو» ، و«الفاء» من قوله «فهى» بمنزلة حرف من الكلمة ، فاستجازوا إسكان «الهاء» تشبيها ب «فخذ» و«كبد» ، لأن الفاء والواو لا ينفصلان منهما.
ومثله لام الأمر من قوله : (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا) (٣). استجازوا إسكانها لاتصالها بالواو ، فأما : (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) (٤) وقوله (ثُمَّ هُوَ) (٥) فمن أسكن «اللام» و«الهاء» معها أجراها مجرى أختيها ، ومن حرّكها فلأنها منفصلة عن اللام والهاء.
قال أبو على : قد قالت العرب : لعمرى ، و: رعملى ، فقلبوا لمّا عدّوا «اللام» كأنها من الكلمة ، كما قلبوا «قسيا» ونحو ذلك ، وكذلك قول من قال : «كاء» فى قوله : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ) (٦) و (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) (٧) أبدل الألف من الياء ، كما أبدلها فى «طيىء» : «طاء». ونحو ذلك.
ومثل ذلك (وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ) (٨) لمّا كان يتقه مثل «علم» (٩).
__________________
(١) الأنعام : ١٠١.
(٢) البقرة : ٧٤.
(٣) الحج : ٢٩.
(٤) الحج : ١٥.
(٥) تكملة يقتضيها السياق.
(٦) آل عمران : ١٤٦.
(٧) الحج : ٤٨.
(٨) النور : ٥٢.
(٩) قال أبو حيان : «وقرى : ويتقه ، بالإشباع والاختلاس والإسكان. وقرىء : ويتقه ، بسكون القاف وكسر الهاء ، من غير إشباع ، وكما يسكن علم فيقال : علم. كذلك سكن ويتق ، لأن تقه كعلم. (البحر ٦ : ٤٦٨.