السادس والأربعون
هذا باب ما جاء في التنزيل من إدخال همزة الاستفهام على الشرط والجزاء
وهذه (١) أيضا مسألة فيها اختلاف بين سيبويه ويونس ، وصورتها : أإن تأتنى آتك ، بجزم الجواب عند سيبويه.
ويونس يقول : أإن تأتنى آتيك ، بالرفع ، ويقول : هو فى نية التقديم ، ويقدره : أآتيك إن تأتنى.
فمن ذلك قوله تعالى : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) (٢).
وقال الله تعالى : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) (٣).
فهاتان آيتان يحتج بهما سيبويه على يونس ، وذلك أنه إذا نوى بالجزاء التقديم وجب أن يكون التقدير فى الآية الأولى : انقلبتم على أعقابكم فإن مات؟ وفى الآية الاخرى : أفهم الخالدون فإن مت؟ وهذا ليس وجه الكلام ، وإنما وجه الكلام : أفهم الخالدون إن مت؟ وكذا : انقلبتم على أعقابكم إن مات! لأن من قال : أنت ظالم إن فعلت ، لم يقل: فأنت ظالم إن فعلت ؛ فإن قيل : فإن الفاء زيادة ، قيل : الفاء هاهنا نظير «ثم» فى قوله: (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) (٤). وكما لا يجوز تقدير الزيادة فى «ثم» فكذا هاهنا.
__________________
(١) الكتاب (١ : ٤٤٣ ـ ٤٤٤).
(٢) آل عمران : ١٤٤.
(٣) الأنبياء : ٣٤.
(٤) يونس : ٥١.