إلا أن الليث بن سعد قال : إذا جنى الرجل على امرأته عقلها ولم يقتص منه بها ، وكأنه رأي أن النكاح ضرب من الرق فأقرن شبهه في القصاص.
وقال عثمان البتي (١) : إذا قتلت امرأة رجلا قتلت ، وأخذ من مالها نصف الدية ، وكذلك فيما دون النفس ، وإن قتلها الرجل فعليه القود ولا يرد عليها شيء ..
وعمدة من أوجب القصاص التعلق بالعمومات (٢) ولا مخصص ، وليس في شيء منها ضم الدية إلى القصاص ..
وقال عليه السلام : من قتل قتيلا فوليه بخير النظرين بين أن يقتص أو يأخذ الدية» (٣) ، ولم يذكر التخيير.
وترك الشافعي العمومات في قتل المسلم بالكافر لأنها منقسمة ، فمنها قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) .. ومساق ذلك يدل على الإختصاص بالمسلم ، فإنه قال : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) ، ولا يكون الكافر أخا للمسلم ، وقال : (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ).
وأما قوله : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً)(٤). فلا حجة فيه ، فإنا نجعل له سلطانا وهو طلب الدية.
وأما قوله : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها)(٥). فإخبار عن شريعة
__________________
(١) هو عثمان بن مسلم البتي البصري الفقيه ، وثقه أحمد وغيره ، روى له الأربعة.
(٢) مثل : «كتب عليكم القصاص في القتلى» وغيرها ..
(٣) رواه البخاري ، كتاب الديات ، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين ، وأبو داود ، ورواه ابن ماجة رقم ٢٦٢٤.
(٤) سورة الإسراء آية ٣٣.
(٥) سورة المائدة آية ٤٥.