مقدّمة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله / (خلق الإنسان علّمه البيان) وصلاة وسلام على سيّد الأنام وأفصح من نطق بلغة الضّاد ، والقائل / «إنّ من البيان لسحرا» وبعد ، يقول أحد الرّوّاد المحدّثين في مجال التّأليف في حقل معاجم المعاني ـ الأمير أمين آل ناصر الدّين : «من الواضح لمن يمحّص حقائق العربيّة ويوغل في البحث عن مكنوناتها ، أنّ لكثير من معانيها ألفاظا خاصّة لا يغني عنها غيرها ، ولكلّ مسمّى من مسمّياتها اسما أو صفة لا يلائمه سواها إذا أراد المنشئ ألّا يندّ عن النّهج اللّغويّ وأن يضع الأشياء في مواضعها ، فكما يجب أن يستعمل الإنسان الصّحفة للطّعام والكأس للشّراب ولا يجوز استعمال إحداهما بدل الأخرى ، يجب أن يستعمل لكلّ معنى ما وضع له من اللّفظ ولا يحسن استعمال غيره ، وكما يجب أن ينادى زيد باسمه لا باسم عمرو أو بكر ، يجب أيضا أن يستعمل لسائر المسمّيات أسماؤها أو صفاتها التي وضعت لها خاصّة ، كيلا يكون هناك التباس على المنشئ يجب أن ينزّه عنه إنشاءه»]. (مقدّمة الرافد : معجم لغويّ للإنسان والبيئة : ص ٩).
ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه الروح هي الّتي كانت وراء اهتمام كثير من مؤلّفي معاجم المعاني (أو الموضوعات كما يسمّيها البعض). ومن هؤلاء أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت ٢٧٦ ه) الذي خصّص جزءا لا بأس به من كتابه (أدب الكاتب) لمعالجة قضايا مثل : / «ما في الخيل وما يستحبّ من خلقها» و/ «في خلق الإنسان» وأبواب أخرى في الطّعام والشّراب ومعرفة الآلات ... إلى غير ذلك. وللغاية نفسها كتب أبو جعفر قدامة بن جعفر الكاتب البغداديّ (ت ٣٢٧ ه) ، حيث يقول في مقدّمة كتابه (جواهر الألفاظ) : «هذا كتاب يشتمل على ألفاظ مختلفة ، تدلّ على معان متّفقة مؤتلفة ... تونق أبصار الناظرين ... وتتّسع به مذاهب الخطاب وينفسح معها بلاغة الكتاب ...» (ص ٢).
لمحة تاريخيّة عن معاجم المعاني العربيّة :
يذكر رياض قاسم أنّ «رائد هذا المنهج ، في الحقيقة ، فريق اللّغويّين الأوائل ، الذين عنوا بجمع اللّغة من الأعراب في البادية ، أو من وفادة الأعراب إليهم في الحاضرة ، فقد كان اللّغويّ منهم يلجأ