إلى جمع الألفاظ والشّواهد التي تدور حول موضوع واحد». من ذلك صنيع الأصمعي (ت ٢١٦) في (كتاب الخيل) و (النّحل) و (الإنسان) وصنيع أبي زيد الأنصاريّ (ت ٢١٥) في كتاب (المسطر) و (خلق الإنسان) و (الشجر) ...
«وكان أبو عبيد القاسم بن سلّام (١٥٧ ـ ٢٢٤) قد عقد أبوابا وفصولا للمسمّيات التي تتشابه في المعنى أو تتقارب ، جامعا في كتابه الكبير (الغريب المصنّف) أشتات موضوعات كثيرة ، جازت الثّلاثين كتابا أو موضوعا ...» (المعجم العربيّ : ١٢٦ ـ ١٢٧).
وسنعرض باختصار لثلاثة من الأعمال البارزة في هذا الميدان هي : (الألفاظ الكتابيّة) للهمذانيّ و (فقه اللّغة وسرّ العربيّة) للثّعالبيّ و (المخصّص) لابن سيده.
الألفاظ الكتابيّة :
يقول الهمذانيّ ، عبد الرّحمن بن عيسى (ت ٣٢٠ ه) في مقدّمة كتابه : «... فجمعت في كتابي هذا لجميع الطّبقات أجناسا من ألفاظ كتاب الرّسائل والدّواوين البعيدة من الاشتباه والالتباس ، السّليمة من التّقعير ... فليست لفظة منها إلّا وتنوب عن أختها في موضعها من المكاتبة ، أو تقوم مقامها في المحاورة ، إمّا بمشاكلة أو بمجانسة ، فإذا عرفها العارف بها وبأماكنها التي توضع فيها كانت مادّة قويّة وعونا وظهيرا ...» (صص ـ ط ـ ي).
والكتاب مقسّم إلى نحو ٣٥٠ بابا ، تبدأ بباب «بمعنى أصلح الفاسد» حيث يورد : «تقول : لمّ شعث فلان ، وضمّ النّشر ... وجبر الوهن والوهي ... ويقال : شعب الصّدع ، ورأب الصّدع ...» ومن أمثلة الموضوعات التي يعالجها : «القرابة» ، «أجناس الشّوائب» ، «الحلم» ، «في كرم الطّباع» ، «النّباهة» ، «البرد والزّمهرير» ، «في وصف بنية الرّجل والمرأة» ، «طلوع الشّمس» ، وينتهي ب «باب الأضداد» حيث نقرأ : «يقال : الفرح والغمّ ، اليسار والفقر ، المدح والثّلب ... السّهل والجبل» و «باب التّشبيهات» حيث يذكر الهمذانيّ : «تقول العرب في أمثالها : أجمل من رعاية الذّمام ، ... أنضر من روضة ، ... أروغ من ثعلب ... أحلم من أحنف ... أحلى من الشّهد ...».
نلاحظ من الأمثلة التي ذكرناها أنّ الهمذانيّ كثيرا ما يورد نوعا من السّياق اللّفظيّ ممّا يعين على تمييز الكلمات والعبارات بعضها البعض ، دون اللّجوء إلى الشّرح أو التّعليق. كما نشعر ببعده عن غريب الألفاظ وحوشيّها ، ممّا يؤيّد وصفه «السّليمة من التّقعير».
فقه اللّغة وسرّ العربيّة :
مؤلّف الكتاب القيّم هذا هو أبو منصور الثّعالبي (ت ٤٣٠ ه) ، والكتاب يشتمل على قسمين رئيسين هما : «فقه اللّغة» و «سرّ العربيّة». وما يهمّنا في هذا المقام هو القسم الأوّل. ففي هذا القسم يعالج الثّعالبي المعاني المختلفة وتدرّجاتها وأصنافها في ثلاثين بابا يشتمل كلّ منها على عدد من