مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٥) وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً
____________________________________
(هَنِيئاً) المراد كونه نعمة بلا نكد ولا تبعة (مَرِيئاً) والمراد منه السائغ كالطعام السائغ في المري بسهولة وبلا غصة ٥ (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ) جمع سفيه. والسفه هو الخفة في العقل والطيش ووضع الأمور في غير موضعها ومنه التبذير في صرف المال وصرفه في المحرمات والملاهي وشرب الخمر بل لا يخفى ان شرب الخمر بذاته من السفه كما اتفق عليه حديث الفريقين (أَمْوالَكُمُ) وقد أكد النهي جلت حكمته وأشار الى حكمته الرادعة للعقلاء بوصف الأموال بأنها (الَّتِي جَعَلَ اللهُ) اي جعلها الله والضمير هو المفعول الأول لكلمة «جعل» (قِياماً) وهو المفعول الثاني. وفي التبيان والمصباح انه مأخوذ من القوام بكسر القاف. وفي المصباح قوام الأمر عماده الذي يقوم به وينتظم. وفي القاموس نظام الأمر وعماده أقول او ما يعتمد عليه كقول لبيد في معلقته : ـ
أفتلك ام وحشية مسبوعة |
|
خذلت وهادية الصوار قوامها |
اي والبقرة التي تهدي القطيع من بقر الوحش هي قوامها. وفي النهاية في الحديث الا ان يكون له قوام من معيشته. ومحصل بيان الآية الكريمة انه كيف يحسن لذي الرشد ان يعمد إلى المال الذي جعله الله قواما وقياما لأمر المعيشة فيعرضه للتلف هدرا بايتائه للسفيه وفي الكشاف تقومون بها وتنتعشون فكأنها في أنفسها قيامكم وانتعاشكم : ولا يخفى ما فيه من تعسف (وَارْزُقُوهُمْ) فيما يحتاجون اليه (فِيها) بما هو أعم من كون الرزق لهم بالشراء بالبعض من نمائها أو من أعيانها أو ببعضها إن كانت مما يحتاجون اليه من المأكول. ولذا لم يجر التعبير بقوله تعالى «منها» لئلا يظهر منه إيتاء البعض منها فيعود إلى إيتاء الأموال للسفهاء (وَاكْسُوهُمْ) اي فيها (وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) تألفا لهم واستصلاحا ورفعا لحزازة حبس الأموال عن إيتائها لهم. وقد اختلف المأثور في تفسير الآية في السفهاء. ففي الدر المنثور عن أبي هريرة هم الخدم وهم شياطين الإنس. وعن ابن مسعود النساء والصبيان. وعن ابن عباس من طريق العوفي النساء والأولاد وفي رواية اخرى السفيه من ولدك. وهذه الكلمات زيادة على إطلاقها ظاهرة بسوق ألفاظها وقرائن اسلوبها في ارادة المطلق من