يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول الله على تنزيله كما مر ذلك في هذه المعدودات من صفحات الجزء الأول وباب مدينة العلم. ومع الحق. وأقضى الأمة. وولي المسلمين. وغير ذلك مما سيأتي ذكره إن شاء الله ، إذن فكيف تصر فاطمة مدة حياتها ويصر امير المؤمنين الى ايام عمر على المطالبة بإرث رسول الله. ألا تقول كيف يصران على ذلك مع ان أبا بكر يروي حديثا في ذلك عن رسول الله (ص). وهل يكون ذلك إلا لأنهما يعلمان ان احتجاج أبي بكر لا يجدي شيئا. هب انهما يعلمان ذلك ويريان ان احتجاجه غير جار على الأصول الشرعية من حيث انه هو المدعي في هذه الخصومة وهو الذي استولى على الأموال ولم يتركها على مجراها الشرعي في الخصومات بل كان عليه أن يقف مع الزهراء للمحاكمة عند من سمع من رسول الله ما يسقط دعوى الزهراء فتجري الأمور على ميزان الدعاوي والحقوق في الشريعة. لكن هذا كله لا يوجب أن تهجر فاطمة أبا بكر حتى توفيت. ولا أن يقول عمر لعلي انه رأى أبا بكر آثما كاذبا خائنا غادرا ورأى عمر كذلك. بل كان على علي وفاطمة ان يريا ان من الجائز ان يكون ابو بكر سمع من رسول الله ما رواه وإن لم تجر الخصومة على وجهها فلا تهجره فاطمة مدة حياتها ولا يختلج في اعتقاد علي ما ذكره عمر في شأن أبي بكر وشأنه. إذن فمقام علي وفاطمة والتزامهما بالشريعة يقضي بأنهما كانا بحسب ما يعلمانه من القرآن ورسول الله لا يجدان الى تجويز الصحة في منع أبي بكر وروايته سبيلا. وقد روى في كتاب بلاغات النساء (١) من طريقين ان فاطمة احتجت على رد حديث لا نورث ما تركناه صدقة بآيتي (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) ودعاء زكريا لولد الوارث كما سنذكره إن شاء الله مع ان الاعتبار يساعد على ان أهل البيت أولى بسماع هذا الحديث من رسول الله على وجه يذعنون بأن رسول الله لا يرث ماله وارثه بنحو يلتئم مع آيتي وراثة سليمان ويحيى من أبويهما النبيين. بل هم أولى بأن يخبرهم رسول الله (ص) بذلك جريا على قوله تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين. لئلا تقع منهم بعده
__________________
(١) صفحة ٢١ و ٢٢ من المطبوع بمصر سنة ١٣٢٦ ومؤلفه ابو الفضل احمد بن أبي طاهر المولود ببغداد سنة ٢٠٤ والمتوفى سنة ٢٨٠ ويوجد في صفحة ١٦ «قال ابو الفضل ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)» وهذا غلط من النساخ او الطبع لأن الذي عاصره ويروي عنه هو زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي المذكور كما يشهد لذلك ما في صفحة ١٦٧ من الكتاب وفي تقريب ابن حجر انه مقبول من الحادية عشرة.