هذه الدعوى بغير الحق والتي تثير الخلاف بين خواص الأمة. بل الحديث يدل على ان نساء النبي (ص) لا علم لهن بذلك وأردن ان يبعثن عثمان رسولا الى أبي بكر للمطالبة بإرثهن من النبي (ص) فمنعتهن عائشة برواية أبيها لا نورّث كما أخرجه البخاري في كتاب الفرائض ومسلم في كتاب الجهاد عن عائشة. بل اخرج البخاري في كتاب المغازي بعد حديث مالك ابن أوس عن عائشة أرسل ازواج النبي (ص) عثمان الى أبي بكر يسألنه ثمنهن الحديث وهذا يدل على ان عثمان ايضا لا يدري بحديث لا نورث وإلا لذكره لهن ولم يقبل رسالتهن. وروى أبو داود في كتاب الخراج حديث نساء النبي أيضا وفيه من رواية عائشة عن قول النبي لا نورث ما تركناه صدقة وإنما هذا المال لآل محمد لنائبتهم ولضيفهم فإذا مت فهو إلى من ولي الأمر من بعدي ـ الوجه الثاني ـ ان الذي يروى من الجواب لفاطمة وعلي في منع الإرث إنما هي كلمات متدافعة متنافرة. وكل منها لا يصلح جوابا ولنذكر في ذلك أمور ـ الأول ـ ان أبا بكر بحسب ما ذكرناه من المروي هو الخصم في هذه المنازعة ومدعي الصدقة والولاية عليها بالانحاء التي تقدمت في الأحاديث. وليس من شريعة القضاء ان يكون الخصم هو القاضي والحاكم لنفسه وولايته ومنفعته لرواية ينفرد بها مع التدافع والاضطراب المروي فيها. مع ان القرآن الكريم على خلافها ـ الثاني ـ ان انفراده بالرواية هو المعروف وجرى عليه علماء الأصول من اهل السنة حيث استدلوا بالعمل بتخصيص الكتاب المجيد بهذه الرواية مع انفراد أبي بكر بها. واخرج أحمد في مسند أبي بكر في حديث ان عمر قال لعلي والعباس حدثني ابو بكر وحلف انه لصادق انه سمع النبي يقول ان النبي لا يورث وانما ميراثه في فقراء المسلمين والمساكين. ولو كان عمر وغيره يعلم بذلك من النبي (ص) لما احتاج ابو بكر الى ان يحلف لعمر انه لصادق .. وقد روى عن عائشة انفراد أبي بكر بذلك. وعدته من فضائله. ففي صواعق ابن حجر وكنز العمال ومختصره في فضائل أبي بكر انه اخرج ابو القاسم البغوي وابو بكر في الغيلانيات وابن عساكر عن عائشة في حديث ان الناس اختلفوا في ميراث رسول الله فما وجدوا عند احد من ذلك علما فقال ابو بكر سمعت رسول الله (ص) يقول «انا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة «لا يقال» ان رواية مالك بن أوس المتقدمة ناطقة بأن عمر ناشد عليا والعباس بالله انهما هل يعلمان ان رسول الله قال لا نورث ما تركناه صدقة فقالا اللهم نعم «لأنا نقول» ان لم يعرف ما لأمير المؤمنين من المقام السامي في العصمة فإنه لا يجهل