إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (٢) وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (٣) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ
____________________________________
باتقائها بالأمر بتقواه. ونحوه عن العياشي عن عمر بن حنظلة عنه (ع) (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) لا يخفى عليه شيء ولا يفوته شيء بل يحاسبكم ويجازيكم في أمر الأرحام ٢ (وَآتُوا الْيَتامى) إذا بلغوا الرشد (أَمْوالَهُمْ) ويلزم من ذلك وجوب حفظها لهم والنهي عن أكلهم لها (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) اي لا تجعلوا الخبيث بدلا تأخذونه بالطيب مثل قوله تعالى في سورتي البقرة ١٠٦ (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ) والأحزاب ٥٢ (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) والتبدل كالاستبدال يتعدى إلى المأخوذ أو المنتحل بنفسه ويتعدى الى المرغوب عنه بالباء. وفي تفسير البرهان عن نهج البيان للشيباني «قال ابن عباس لا تتبدلوا الحرام من أموالهم بالحلال من أموالكم لأجل الجودة والزيادة فيه وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله» والظاهر ان الوصف بالخبث من اجل الحرمة وبالطيب من اجل الحل واستفادة الجودة والزيادة من دواعي التبدل الذي يكون به المأخوذ حراما خبيثا. وإلى ما ذكرناه يرجع ما جعله في التبيان أقوى الوجوه وتبعه في المجمع (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) ليس المراد هو النهي عن خصوص الأكل بمعناه الحقيقي بل الأكل هنا مجاز بمعنى الأخذ والغصب وضم الغاصب لها الى أمواله وأشير الى ذلك بقوله تعالى (إِلى أَمْوالِكُمْ) ليفهم من الأكل ما يناسب كلمة «الى» جريا على الغالب من كون المتسلطين على اموال اليتامى ذوي اموال وإن كانت عند بعضهم قليلة (إِنَّهُ) اي غضب مال اليتامى المكنى عنه بالأكل المنهي عنه (كانَ حُوباً كَبِيراً) فسروا الحوب بالإثم. وفي المصباح المنير باكتساب الإثم ٣ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا) قد قدمنا في الآية السادسة عشرة من سورة آل عمران ان القسط والاقساط انما هما مقاربان في المعنى للعدل لا مراد فان له على معنى واحد والظاهر بحسب التتبع لموارد الاستعمال ان الاقساط هو معاملة الطرف الواحد بالحق والإنصاف وان العدل هو الجري على الحق في المعاملة مع الاثنين او الأكثر او في الحكم بينهم او هو ما يعم هذا المعنى ومعنى الاقساط (فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) وقد اضطربت الأوهام في هذه الآية