ربط أول هذه بآخر تلك : أنه سبحانه ذكر هناك تيسير القرآن بلسان الرسول عليه الصلاة والسلام ، معللا بتبشير المتقين وإنذار المعاندين. وذكر تعالى هنا ما فيه نوع من تأكيد ذلك. وجاءت آثار تدل على مزيد فضلها.
أخرج الدارمي. وابن خزيمة في التوحيد. والطبراني في الأوسط. والبيهقي في الشعب. وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله تبارك وتعالى قرأ (طه) و (يس) قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام ، فلما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى لأمة ينزل عليها هذا ، وطوبى لأجواف تحمل هذا ، وطوبى لألسنة تتكلم بهذا». وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعا نحوه).
٢ ـ وقال صاحب الظلال في تقديمه للسورة : (تبدأ هذه السورة وتختم خطابا للرسول صلىاللهعليهوسلم ببيان وظيفته وحدود تكاليفه .. إنها ليست شقوة كتبت عليه ، وليست عناء يعذب به. إنما هي الدعوة والتذكرة ، وهي التبشير والإنذار. وأمر الخلق بعد ذلك إلى الله الواحد الذي لا إله غيره. المهيمن على ظاهر الكون وباطنه ، الخبير بظواهر القلوب وخوافيها. الذي تعنو له الجباه ، ويرجع إليه الناس : طائعهم وعاصيهم .. فلا على الرسول ممن يكذب ويكفر ، ولا يشقى لأنهم يكذبون ويكفرون.
وبين المطلع والختام تعرض قصة موسى عليهالسلام من حلقة الرسالة إلى حلقة اتخاذ بني إسرائيل للعجل بعد خروجهم من مصر ، مفصلة مطولة ، وبخاصة موقف المناجاة بين الله وكليمه موسى ـ وموقف الجدل بين موسى وفرعون ، وموقف المباراة بين موسى والسحرة .. وتتجلى في غضون القصة رعاية الله لموسى الذي صنعه على عينه واصطنعه لنفسه ، وقال له ولأخيه : (لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى.)
وتعرض قصة آدم سريعة قصيرة ، تبرز فيها رحمة الله لآدم بعد خطيئته وهدايته له. وترك البشر من أبنائه لما يختارون من هدى أو ضلال بعد التذكير والإنذار.
وتحيط بالقصة مشاهد القيامة. وكأنما هي تكملة لما كان أول الأمر في الملأ الأعلى من قصة آدم. حيث يعود الطائعون إلى الجنة ، ويذهب العصاة إلى النار ، تصديقا لما قيل لأبيهم آدم ، وهو يهبط إلى الأرض بعد ما كان).
وقد آن أوان عرض السورة :