منه تفرعوا وأمهم التي منها ولدوا ، وهي التي تضمهم إذا ماتوا ، فهل يكون ذلك إلا بالله ومن الله ، فكيف يجحد الإنسان بعد ذلك وجود الله رب العالمين ، ولا يعترف له بالربوبية ، ولا يقر على نفسه بالعبودية).
كلمة في السياق :
نلاحظ أن الآيات التي مرت معنا استقرت على قوله تعالى : (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) كما نلاحظ أن بداية الخطاب لموسى ـ عليهالسلام ـ كان فيه : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها) مما يشير إلى أن الكلام عن اليوم الآخر جزء رئيسي في السورة ، وسنرى مزيدا من الكلام عن هذا الموضوع ، وعن غيره ، ففي السورة حديث موسع :
١ ـ عن الإيمان بما أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم.
٢ ـ وما أنزل على من قبله.
٣ ـ وعلى اليقين باليوم الآخر ، وأن أصحاب ذلك مهتدون مفلحون ، ولذلك صلة بالمحور : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فالسورة تفصل هذه المعاني كلها من خلال الخطاب المباشر للرسول صلىاللهعليهوسلم ، أو من خلال ما يقصه الله ، أو من خلال ما يعرضه أو يأمر به. ونلاحظ أنه بالآيات التي مرت معنا تنتهي الجولة الأولى من قصة موسى ـ عليهالسلام ـ وفيها تم الكلام عن التكليف بالرسالة ، وعن القيام بإحدى مهمات التكليف ، وهي تبليغ فرعون ، وإقامة الحجة عليه ، وقد رأينا من دروس ذلك الكثير ، ورأينا صلة ذلك بالسياق الخاص للسورة ، والسياق القرآني العام ، والآن تأتي جولة ثانية من قصة موسى ـ عليهالسلام ـ قصة التحدي والغلبة وإيمان السحرة النموذجي ، الذي يقصه الله علينا ليبين لنا أثر الإيمان الحقيقي ، وفلاح أهله بالآخرة ، وكيف أن الذين لا يؤمنون إنما هم طاغون باغون ظلمة ، لا يصرفهم عن الإيمان ضعف حجة ، بل عمى قلب ، وطغيان نفس ، وكل ذلك يخدم السياق الخاص للسورة ، والسياق القرآني العام.