د ـ الحرث :
تبقى النطفة متحركة ، وتظل كذلك حين تصير أمشاجا ، وبعد ذلك ـ وبالتصاقها ـ تبدأ مرحلة الاستقرار التى أشار إليها الحديث النبوى «يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر فى الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين يوما ..».
وفى نهاية مرحلة النطفة الأمشاج ينغرس كيس الجرثومة فى بطانة الرحم بما يشبه انغراس البذرة فى التربة فى عملية حرث الأرض ؛ وإلى هذه العملية تشير الآية فى قوله تعالى (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة : ٢٢٣]
وبهذا الانغراس يبدأ طور الحرث ، ويكون عمر النطفة حينئذ ستة أيام.
وتنغرس النطفة (كيس الجرثومة) فى بطانة الرحم بواسطة خلايا تنشأ منها ؛ تتعلق بها فى جدار الرحم ، والتى ستكون فى النهاية هى المشيمة ، كما تنغرس البذرة فى التربة. (شكلا ٢٤ و ٢٥)
اللافت للنظر أن علماء الأجنة يستخدمون مصطلح (انغراس) فى وصف هذا الحدث ، وهو يشبه كثيرا فى معناه كلمة (الحرث) فى اللغة العربية.
ومرحلة الحرث هى آخر مرحلة فى طور النطفة ، وبنهايتها ينتقل الحميل من شكل النطفة ، ويتعلق بجدار الرحم ، لتبدأ مرحلة جديدة ، وذلك فى اليوم الخامس عشر.
الرحم أو القرار المكين
ولم يبق فى هذه المرحلة من مراحل الخلق الإنسانى ، إلا الحديث عن المكان الذى تستقر فيه النطفة فى جسد المرأة.
سبحان من هذا كلامه ، فقد أعطى الله لهذا المكان وصفين جامعين فى قوله تعالى (ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) [المؤمنون : ١٣].
فالرحم هو مكان لاستقرار الجنين ، ومعنى «القرار» فى قواميس اللغة (استقر واستراح) وهو أيضا (مكان يستقر فيه الماء ويتجمع). ولهذا اختار القرآن الكريم تعبير «القرار» وصفا للمكان الذى تستقر فيه النطفة وهو الرحم.