١٦ ـ (الَّذِينَ يَقُولُونَ : رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا ...) في هذا القول بيان لصفات المتقين القائلين : ربنا إننا صدّقنا الله ورسوله! (فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) أي استرها علينا ، وامحها عنا (وَقِنا عَذابَ النَّارِ) وجنبنا إياه ، وادفعه عنا.
١٧ ـ (الصَّابِرِينَ) على الطاعة وعن المعصية. (وَالصَّادِقِينَ) في إيمانهم وجميع أمورهم الدنيوية والأخروية. (وَالْقانِتِينَ) المطيعين دائما لله. (وَالْمُنْفِقِينَ) الباذلين من أموالهم فرضا ونفلا في سبيل الله (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) في المجمع : أي المصلّين وقت السحر يسألون الله المغفرة.
١٨ ـ (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ..) شهادته تعالى هي إعلامه بوحدانيته وإلهيّته بالدلالات الواضحة والحجج القاطعة. (وَالْمَلائِكَةُ) أيضا شهدوا بذلك (وَأُولُوا الْعِلْمِ) شهدوا بما ثبت عندهم من عجيب صنعه الذي لا يقدر عليه غيره. وقيل بأن أولي العلم الأنبياء والأوصياء. (قائِماً بِالْقِسْطِ) أي مقيما للعدل. (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا رب ولا معبود سواه. (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) مر تفسيره.
١٩ ـ (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ ..) أي الدين المرضي عند الله هو الإسلام عقيدة وشريعة. (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي ما اختلف اليهود والنصارى بشأن هذا الدين. (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) أي بعد أن علموا الحق مما جاء في كتبهم عن نبوة محمد (ص) (بَغْياً بَيْنَهُمْ) أي ظلما للحق وحسدا ، (وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ) أي ينكر حججه الواضحة (فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) سريع الجزاء لا يفوته شيء من أعمالهم.
٢٠ ـ (فَإِنْ حَاجُّوكَ ، فَقُلْ) ... أي : فإن جادلوك في أمر هذا الدين وقيل نصارى نجران فقل : (أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ) أخلصت قصدي بالعبادة إليه وأعرضت عن كل معبود سواه أنا ومن آمن بي وصدق برسالتي. (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ) وقل يا محمد لليهود والنصارى وللمشركين ممن لا كتاب لهم وهم الأميون (أَأَسْلَمْتُمْ ...) استفهام بمعنى التهديد فهو متضمن للأمر ومعناه : أسلموا. (فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا) صدّقوا بك وبرسالتك فقد سلكوا طريق الحق. (وَإِنْ تَوَلَّوْا) أي أعرضوا وأصروا على كفرهم (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) أي إيصال رسالة الله إلى الناس ولا شأن لك بإعراضهم (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) مر تفسيره.
٢١ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ ...) أي يجحدون حجج الله (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍ) ظلما قيل : هم اليهود قتلوا ثلاثة وأربعين نبيا في يوم واحد (وَيَقْتُلُونَ) أيضا (الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ) بالعدل (مِنَ النَّاسِ) قيل : هم مائة واثنا عشر رجلا من عبّاد بني إسرائيل نهوا قتلة النبيين عن المنكر الذي فعلوه فقتلوهم بدورهم (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) فأعلمهم وقد عبّر هنا بلفظ التبشير تهكما عليهم.
٢٢ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ..) إشارة إلى المذكورين في الآية السابقة ، حبطت أي بطلت أعمالهم في الدنيا لعدم ترتب الأثر المرجو منها من حقن الدماء واحترام الأموال وما شاكل كما لم تثمر أي أجر أو ثواب في الآخرة فكأنها لم تكن. (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) أي مساعدين في دفع العذاب عنهم.