أي : متى يوم الجزاء وتقديره : أيان وقوع يوم الدين ، قال ابن كثير : (وإنما يقولون هذا تكذيبا وعنادا وشكا واستبعادا) قال الله تعالى : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) : أي : يحرقون ويعذبون (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) أي : حريقكم وعذابكم ، قال الألوسي : (وأصل الفتن : إذابة الجوهر ليظهر غشه ، ثم استعمل في الإحراق والتعذيب ونحو ذلك) قال النسفي : (أي : تقول لهم خزنة النار ذوقوا عذابكم وإحراقكم) (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) في الدنيا أي : يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا وتحقيرا وتصغيرا ، هذا حال أحد الشقين المختلفين الشق المصروف المرتاب ، المغمور بالجهل والغفلة ، المستبعد لليوم الآخر ، وأما الجانب الآخر وهم المتقون فهذه حالهم. (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) في معادهم (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) بخلاف ما عليه أولئك الأشقياء من العذاب والنكال والحريق والأغلال (آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) أي : قابلين لكل ما أعطاهم من الثواب راضين به. قال ابن كثير : (فالمتقون في حال كونهم في الجنان والعيون آخذين ما آتاهم ربهم من النعيم والسرور والغبطة) (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ) أي : قبل دخول الجنة في الدنيا (مُحْسِنِينَ) أي : قد أحسنوا العمل ، قال ابن كثير : (ثم إنه تعالى بين إحسانهم في العمل فقال جل وعلا : (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) أي : كانوا يهجعون في طائفة قليلة من الليل ، والهجوع : النوم ، فهؤلاء هجوعهم قليل في ليلهم) (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) قال النسفي : وصفهم بأنهم يحيون الليل متهجدين ، فإذا أسحروا أخذوا في الاستغفار كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم (فما أكثر غفلة الغافلين) والسحر : السدس الأخير من الليل. (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ) أي : لمن يسأل لحاجته (وَالْمَحْرُومِ) أي : الذي يتعرض ولا يسأل حياء. قال ابن كثير : لما وصفهم بالصلاة ثنى بوصفهم بالزكاة والبر والصلة ، وفسر ابن كثير الحق بأنه : جزء مقسوم قد أفرزوه للسائل والمحروم. (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ) قال النسفي : (تدل على الصانع وقدرته وحكمته وتدبيره حيث هي مدحوة كالبساط لما فوقها ، وفيها المسالك والفجاج للمتقلبين فيها ، وهي مجزأة : فمن سهل ، ومن جبل ، وصلبة ، ورخوة ، وسبخة ، وفيها عيون متفجرة ، ومعادن ، ودواب منبثة مختلفة الصور والأشكال ، متباينة الهيئات والأفعال). (لِلْمُوقِنِينَ) قال النسفي : أي للموحدين الذين سلكوا الطريق السوي الواضح الموصل إلى المعرفة ، فهم نظارون بعيون باصرة وأفهام نافذة ، كلما رأوا آية عرفوا وجه تأملها فازدادوا إيقانا على إيقانهم). (وَفِي أَنْفُسِكُمْ) قال النسفي : (أي في حال ابتدائها وتنقلها