البروج ، وأوساطه منها إلى (لم يكن) ، وقصاره منها إلى آخره ، وقيل طواله من الحجرات إلى عبس ، وأوساطه من كورت إلى الضحى ، والباقي قصاره).
وقال الشرنبلالي : (وسمي المفصل به لكثرة فصوله ، وقيل لقلة المنسوخ فيه).
وفسر الطحاوي كثرة الفصول بقوله : (أي : لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة) وقال في تفسير قلة المنسوخ فيه بقوله : (فهو من التفصيل بمعنى الإحكام وعدم التغيير).
مما نقلناه ندرك أن اسم المفصل للسبع السابع من القرآن متعارف عليه بين الصحابة وبين الفقهاء خلال العصور ، كما ندرك أن تحديده قضية خلافية ، وقد رأينا في بداية تفسيرنا لسورة (ق) أن ابن كثير يرجح أن ابتداءه من سورة (ق). وقلنا هناك : إننا نرجح أن يكون ابتداؤه من سورة الذاريات ، وذكرنا لماذا رجحنا ذلك ، ولا حظنا مما نقلناه هنا أن هناك اتفاقا بين المؤلفين على أنه سمي مفصلا لأحد سببين : إما لكثرة فصوله ، أو لقلة المنسوخ فيه ، ورأينا أن الطحاوي ضعف القول الثاني إذ قال قبله : (وقيل لقلة المنسوخ فيه) وإنما تستعمل كلمة (قبل) للتدليل على ضعف القول ، فيبقى القول الأول هو القول المرجح عند الطحاوي من أنه سمي مفصلا لكثرة فصوله ، وفسر كثرة الفصول بكثرة الفصل بين سوره بالبسملة.
أقول : وهو وجه مما تحتمله كلمة كثرة الفصول ، إذ ما قبل المفصل يوجد خمسون سورة بما في ذلك سورة الفاتحة ، بينما توجد من الذاريات حتى نهاية القرآن أربعة وستون سورة ، إلا أنني أحتمل أن يكون الشارح الذي شرح المفصل بكثرة الفصول أراد (الفصل) بالمعنى الاصطلاحي عند العلماء ؛ فإنه المتبادر إلى الذهن عندما يقال الفصول ، إذ هي جمع فصل والفصل في اصطلاح العلماء قديما وحديثا هو : ما دون الباب في تقسيمات المؤلفين ، فقد اصطلحوا على أن الكتاب أعم من الباب ، والباب أعم من الفصل ، والذي أرجحه أن الشارح الأول إنما أراد بالفصل ما اصطلحوا عليه ، والذي يرجح هذا أن المتأمل للمفصل يحس بشكل واضح بتعدد فصوله من خلال تعدد أنواع البدايات للسور ، ومن خلال التشابه بين بداية وبداية ، ومن ثم فإنني أفهم بأن المراد بالفصل هو ما أسميته في هذا التفسير باسم المجموعة ، وإن لم يكن واضحا عند السابقين هذا التحديد الدقيق لمعنى الفصل في المفصل ، فالذي أراه