في هذا الموضوع أن تسمية المفصل تسمية مأثورة ، وقد فسر السابقون الكلمة بكثرة الفصول لمعنى غامض أحسوه في هذا القسم ، هذا المعنى الغامض هو الذي تفسره هذه الطريقة التي اعتمدتها في تقسيم القرآن إلى أقسام ، وكل قسم يضم مجموعات ، كل مجموعة تشكل فصلا من فصول هذا القرآن ، وسمي هذا القسم الرابع من القرآن (بالمفصل) لكثرة هذه المجموعات فيه ، وكما قلنا من قبل فإن ما مر معنا قبل المفصل كان سورة البقرة وتسع مجموعات ، بينما نجد أن المفصل وحده كما سنرى خمس عشرة مجموعة ، يضم سور كل مجموعة إلى بعضها أنها تفصل في البقرة من بدايتها إلى نقطة فيها ، ثم تأتي المجموعة الثانية والثالثة وهكذا لتفصل كل منها تفصيلا جديدا.
وعندما نعرض مجموعات المفصل سنذكر عند كل مجموعة الأسباب التي حملتنا على اعتبارها مجموعة ، وقد رأينا فيما مر طريقتنا في التدليل على القسم وعلى المجموعات ، ولا شك أن ما مر معنا من قبل يشكل بالنسبة للمرحلة القادمة من التفسير نقاط علام ، فقد رأينا مثلا أن السور المبدوءة بقسم تشكل بداية مجموعة ، وسنرى بدايات جديدة لمجموعات في هذا القسم ، والذي نحب أن نذكر به بهذه المناسبة هو :
إنك تلاحظ أن سورا كثيرة في هذا القسم مبدوءة بقسم ، ثم يأتي بعد القسم أو الأقسام سورة أو سور ، ثم يظهر القسم مرة ثانية ، وأحيانا تجد بعد القسم سورا تتشابه بداياتها ، وأحيانا تجد بداية تتكرر ، ولكن فيما بين البداية والبداية سور ليست مبدوءة بهذه البداية ، كما ترى ذلك في زمرة المسبحات ، إن ذلك كله يلفت النظر للبحث عن قاعدة كلية تنتظم هذه الدورة ، وإننا نتصور أن ما اتجهنا إليه في هذا التفسير كان هو التفسير لهذه الظاهرة وأمثالها ، والمعاني مع بعض نقاط العلام التي نستأنس بها هي التي تقدم الدليل على صحة السير.
يتألف هذا القسم من خمس عشرة مجموعة. وكل مجموعة تفصل في معان من سورة البقرة من بدايتها إلى شىء منها ، وكل سورة في مجموعة لها محورها من سورة البقرة ، فهي تفصل في هذا المحور ، وفي امتداده في سورة البقرة ، وهو شىء قد رأيناه كثيرا ، ورأينا الدليل عليه مرة بعد مرة.