بمفعوله. وعقب ذلك الزمخشري بأنه شيء لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر لكان سمجا مردودا كما سمج. ورد زج القلوص أبي مزادة. فكيف به في الكلام المنثور فكيف به في الكلام المعجز ، ثم قال : والذي حمله على ذلك أنه رأى في بعض المصاحف (شُرَكاؤُهُمْ) مكتوبا بالياء ، ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء لأن الأولاد شركاؤهم لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب اه.
وقد ركب في هذا الكلام عمياء وتاه في تيهاء ، فقد تخيل أن القراء أئمة الوجوه السبعة اختار كل منهم حرفا قرأ به اجتهادا لا نقلا وسماعا كما ذهب إليه بعض الجهلة فلذلك غلط ابن عامر في قراءته هذه وأخذ يبين منشأ غلطه ، وهذا غلط صريح يخشى منه الكفر والعياذ بالله تعالى فإن القراءات السبعة متواترة جملة وتفصيلا عن أفصح من نطق بالضاد صلىاللهعليهوسلم فتغليط شيء منها في معنى تغليط رسول الله صلىاللهعليهوسلم بل تغليط الله عزوجل نعوذ بالله سبحانه من ذلك. قال أبو حيان : عجب لعجمي ضعيف في النحو يرد على عربي صريح محض قراءة متواترة نظيرها في كلام العرب في غير ما بيت ، وأعجب بسوء هذا الرجل بالقراء الأئمة الذين تخيرتهم هذه الأمة لنقل كتاب الله تعالى شرقا وغربا ، وقد اعتمد المسلمون على نقلهم لضبطهم ومعرفتهم وديانتهم اه. وقد شنع عليه أيضا غير واحد من الأئمة ، ولعل عذره في ذلك جهله بعلمي القراءة والأصول.
وقد يقال : إنه لم يفرق بين المضاف الذي لم يعمل وبين غيره. ومحققو النحاة قد فرقوا بينهما بأن الثاني يفصل فيه بالظرف ، والأول إذا كان مصدرا أو نحوه يفصل بمعموله مطلقا لأن إضافته في نية الانفصال ومعموله مؤخر رتبة ففصله كلا فصل فلذا ساغ ذلك فيه ولم يخص بالشعر كغيره. وممن صرح بذلك ابن مالك ، وخطأ الزمخشري بعدم التفرقة وقال في كافيته :
وظرف أو شبيهه قد يفصل |
|
جزأي إضافة وقد يستعمل |
فصلان في اضطرار بعض الشعرا |
|
وفي اختيار قد أضافوا المصدرا |
لفاعل من بعد مفعول حجز |
|
كقول بعض القائلين للرجز |
بفرك حب السنبل الكنافج |
|
بالقاع فرك القطن المحالج |
وعمدتي قراءة ابن عامر |
|
وكم لها من عاضد وناصر |
انتهى. وبعد هذا كله لو سلمنا أن قراءة ابن عامر منافية لقياس العربية لوجب قبولها أيضا بعد أن تحقق صحة نقلها كما قبلت أشياء نافت القياس مع أن صحة نقلها دون صحة القراءة المذكورة بكثير ، وما ألطف قول الإمام على ما حكاه عنه الجلال السيوطي ، وكثيرا ما أرى النحويين متحيرين في تقرير الألفاظ الواردة في القرآن ، فإذا استشهد في تقريره ببيت مجهول فرحوا به وأنا شديد التعجب منهم لأنهم إذا جعلوا ورود ذلك البيت المجهول على وفقه دليلا على صحته فلأن يجعلوا ورود القرآن به دليلا على صحته كان أولى ، ومما ذكرنا يعلم ما في قول السكاكي : لا يجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف ، ونحو قوله :
بين ذراعي وجبهة الأسد
محمول على حذف المضاف إليه من الأول ، ونحو قراءة من قرأ (قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) لاستنادها إلى الثقات وكثرة نظائرها ، ومن أرادها فعليه بخصائص ابن جني محمولة عندي على حذف المضاف إليه من الأول وإضمار المضاف في الثاني كما في قراءة من قرأ (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [الأنفال : ٦٧] بالجر أي عرض الآخرة ، وما ذكر وإن كان فيه نوع بعد إلا أن تخطئة الثقات والفصحاء أبعد اه. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ببناء «زيّن»