غريب ما وقع أن بعض متعصبي الشيعة الإمامية من أهل زماننا واسمه حمد روى بدل إلا واحدة في هذا الخبر إلا فرقة وقال : إن فيه إشارة إلى نجاة الشيعة فإن عدد لفظ فرقة بالجمل وعدد لفظ شيعة سواء فكأنه قال عليه الصلاة والسلام : إلا شيعة ، والمشهور بهذا العنوان هم الشيعة الإمامية فقلت له بعد عدة تزييفات لكلامه : يلزم هذا النوع من الإشارة أن تكون كلبا لأن عدد كلب وعدد حمد سواء فألقم الكلب حجرا.
(لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) أي من السؤال عنهم والبحث عن تفرقهم أو من عقابهم أو أنت بريء منهم ، وقيل : يحتمل أن يكون هذا وعدا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بالعصمة عنهم أي لست منهم في شيء من الضرر ، وعن السدي أنه نهى عن التعرض لقتالهم ثم نسخ بما في سورة براءة ، و (مِنْهُمْ) في موضع الحال لأنه صفة نكرة قدمت عليها (إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ) تعليل للنفي المذكور أي هو يتولى وحده أمر أولاهم وآخرتهم ويدبره حسبما تقتضيه الحكمة ، وقيل : المفرقون أهل البدع من هذه الأمة ، فقد أخرج الحكيم الترمذي ، وابن جرير ، والطبراني ، والشيرازي في الألقاب ، وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا) إلخ «هم أهل البدع والأهواء من هذه الأمة».
وأخرج الترمذي ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والطبراني ، وأبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في الشعب وغيرهم عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لعائشة رضي الله تعالى عنها : «يا عائشة إن الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء وأصحاب الضلالة من هذه الأمة ليس لهم توبة يا عائشة إن لكل صاحب ذنب توبة غير أصحاب البدع وأصحاب الأهواء فإنهم ليس لهم توبة وأنا منهم بريء وهم مني برآء» فيكون الكلام استئنافا لبيان حال المبتدعين إثر بيان حال المشركين إشارة إلى أنهم ليسوا منهم ببعيد ، ولعل جملة (إِنَّما أَمْرُهُمْ) إلخ على هذا ليست للتعليل وإنما هي للوعيد على ما فعلوا أي إن رجوعهم إليه سبحانه (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ) يوم القيامة (بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) في الدنيا على الاستمرار بالعقاب عليه (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) استئناف مبين لمقادير أجزية العاملين وقد صدر ببيان أجزية المحسنين المدلول عليهم بذكر أضدادهم أي من جاء من المؤمنين بالخصلة الواحدة من خصال الطاعة أي خصلة كانت ، وقيل : التوحيد ونسب إلى الحسن وليس بالحسن (فَلَهُ عَشْرُ) حسنات (أَمْثالِها) فضلا من الله تعالى.
وقرأ يعقوب «عشر» بالتنوين «أمثالها» بالرفع على الوصف ، وهذا أقل ما وعد من الأضعاف ، وقد جاء الوعد بسبعين وسبعمائة وبغير حساب ، ولذلك قيل : المراد بالعشر الكثرة لا الحصر في العدد الخاص.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة. وأبو الشيخ عن ابن عباس ، وعبد بن حميد ، وغيره عن ابن عمر أن الآية نزلت في الأعراب خاصة ، وأما المهاجرون فالحسنة مضاعفة لهم بسبعمائة ضعف ، والظاهر العموم.
وتجريد (عَشْرُ) من التاء لكون المعدود مؤنثا كما أشرنا إليه لكنه حذف وأقيمت صفته مقامه ، وقيل : إنه المذكور إلا أنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) كائنا من كان من العالمين (فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) بحكم الوعد واحدة بواحدة ، وإيجاب كفر ساعة عقاب الأبد لأن الكافر على عزم أنه لو عاش أبدا لبقي على ذلك الاعتقاد أبدا (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) بنقص الثواب وزيادة العقاب. فإن ذلك منه تعالى لا يعد ظلما إذ له سبحانه أن يعذب المطيع ويثيب العاصي ، وقيل : المعنى لا ينقصون في الحسنات من عشر أمثالها وفي السيئة من مثلها في مقام الجزاء.
ومن المعتزلة من استدل بهذه الآية على إثبات الحسن والقبح العقليين ، واختلف في تقريره فقيل : إنهم لما رأوا