قلت :
إن شيخنا ـ سقى الله ثراه سجال الرحمة والرضوان ، وأسكنه أعلى غرف فراديس الجنان ـ قد ذهل ـ والعصمة لأهلها ـ عن أن سيبويه إنما أنشد هذا البيت ولم ينشئه ـ كما صرح به أهل هذا الشأن ـ بل في سائر نسخ «البهجة المرضية» التي بأيدينا أن ذلك من إنشاد سيبويه لا من إنشائه ، فإذا ثبت أن قائله من فصحاء العرب ـ وإن اختلف فيه ـ وأن سيبويه ناقل له ، لا جرم كان شيخنا (رحمهالله) مذعنا بصحة الاستشهاد بهذا البيت.
ومنه يظهر عدم صحة ما أخذه على سيبويه بما نقله عن بعض أدباء أهل العصر ، فراجع كلامه إن شئت.
٢ ـ ومنها : قول مسكين الدارمي :
نعلّق في مثل السوراي سيوفنا |
|
وما بينها والكعب غوط نفانف (١) |
أنشده الفراء شاهدا على الجواز حيث رد «الكعب» على الهاء في «بينها» من دون إعادة الجار.
وقال ابن يعيش في «شرح المفصل» (٢) : المراد : وما بينها وبين الكعب ، إلا أنه حذف الظرف ـ لتقدم ذكره ـ وبقي عمله ، إلا أن حذف المضاف أسهل أمرا وأقرب متناولا ، لأن حرف الجر ينزل منزلة الجزء مما جره ، ولا يجوز الفصل بينهما بظرف ولا غيره ، ويحكم عليهما بإعراب واحد ، وليس كذلك المضاف والمضاف إليه. انتهى.
__________________
(١) وفي البحر المحيط ٢ / ١٤٨ : فما بينها والأرض ... إلى آخره.
(٢) شرح المفصل ٣ / ٧٩.