كل ما تقدم ، لأن الخفين لم يجر لهما ذكر ، ولا عليها دليك ، ولا إيماء وعدم لبسهما ـ وهو الأغلب (١) ـ خصوصا في الحجاز.
فكيف تختص (٢) الآية بهما وقد وردت لتعليم جميع المكلفين؟ وتسمية الخف رجلا ، أو تقدير محذوف بغير دليل ، ترويج للمدعى بالتخمين.
والحاصل : إن الحمل على ذلك عدول عن ظاهر القرآن إلى التجوز والاستعارة من غير أن تدعو إليه ضرورة ، أو توجيه دلالة. وذلك خطأ (٣) لا محالة.
والظاهر يتضمن ذكر الأرجل بأعيانها ، فوجب أن يكون المسح متعلقا بها أنفسها دون أغيارها (٤).
__________________
ولا شك في تجاوز هذا الكلام الحدود المعقولة في التعامل مع النص القرآني ، إذ لقائل أن يقول : لو كانت حكمة الطهارة كذلك! فلم لا يكون حال الرؤوس كالأرجل! تغسل في حال كونها مكشوفة ، ويمسح على ما تستتر به من قلنسوة ونحوها؟!! مع أن الآية محكمة لا تحتاج إلى حكمة المراغي ولهذا نجد من أنكر هذا الحمل ، كابن همام الحنفي في شرحه على هداية المرغيناني بكتابه المسمى : فتح القدير ، قال فيه ١ / ١١ عن حمل قراءة الجر على مسح الخفين : قال في شرح المجمع : فيه نظر لأن الماسح على الخف ليس ماسحا على الرجل حقيقة ولا حكما لأن الخف اعتبر مانعا سراية الحدث إلى القدم ، فهي طاهرة ، وما حل بالخف أزيل بالمسح ، فهو على الخف حقيقة وحكما.
وقال السخاوي في جمال القراء وكمال القراء ٢ / ٤٢ : وقيل : قراءة الخفض معناها مسح الخفين! وقراءة النصب لغسل الرجلين ، والصحيح : إنها محكمة.
وقد مر ما له علاقة بالمقام في الهامش رقم ٤ ص ٤٠١ ، فراجع.
(١) في م : وعدمهما هو الأغلب.
(٢) في ر : يختص.
(٣) في م : خطاء.
(٤) في م : أعيانها.