وأيضا ، يأباه صريح الآية لاشتمالها على التفصيل القاطع للشركة ، إذ لو أراد الله سبحانه من لفظ المسح ـ بعد أن انتقل عن جملة الغسل ـ لزم الاغراء بالجهل ، ووضع الظاهر بإزاء الخفي!! ومعلوم أنه لا يجوز وقوعه في الحكمة ، فكيف يجوز أن ينسب صدوره منه سبحانه؟ مع علو حكمته ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
[مناقشة أحاديثهم المستدل بها على غسل الرجلين]
إن قيل : لعل الباعث للقوم على ارتكاب التمحلات المذكورة في توجيه الآية ، الأحاديث الصحيحة ـ عندهم ـ الدالة على وجوب غسل الرجلين.
منها :
[حديث ابن عباس]
[١] ما رواه البخاري (١) في صحيحه ، عن ابن عباس أنه توضأ ـ إلى أن قال ـ ثم أخذ غرفة أخرى ، فغسل بها رجله اليسرى ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يتوضأ (٢).
__________________
(١) هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بذدربه ـ وقيل : بردزية ـ الجعفي البخاري ، ولد سنة ١٩٤ ه ، من أشهر مصنفاته جامعه المسمى ب (صحيح البخاري) ، روى فيه عن عمران بن حطان ومعاوية ومروان وأمثالهم ، مات سنة ٢٥٦ ه عن اثنين وستين عاما.
فهرست ابن النديم : ٤٨٣ الفن السادس من المقالة السادسة ، طبقات الحنابلة ١ / ٢٧١ ، تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٣٠ رقم ٥٠٥ ، مقدمة متح الباري ، شذرات الذهب ٢ / ٣٣٤.
(٢) صحيح البخاري ١ / ٤٧ ـ ٤٨ باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة ، من كتاب الوضوء