[جواب حديث عبد الله بن عمرو بن العاص [٨]]
وفيه :
أولا : إن الإسباغ إنما يقال في الزائد على الواجب ، فلو كان غسل الأعقاب داخلا في أصل واجب الوضوء ـ كما يدل عليه الوعيد بالويل ـ كان ذكر الإسباغ لغوا ، بل كان الواجب أن يقال : تمموا الوضوء ونحوه (١).
__________________
(١) حصر الإسباغ في الزائد على الواجب ، فيه تأمل ، لصحة إطلاقه على الواجب دون المستحب تارة ، وأخرى عليهما معا.
أما الأول ، فيدل عليه حديث رفاعة عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عزوجل ، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ، ويمسح برأسه ورجليه إلى الجعبين وتقدم تخريجه في ص ٣٧١ هامش رقم ٣ ، التسلسل ١٥ ، وأما الثاني ، فيدل عليه معنى الوضوء لغة ، وهو المبالغة فيه ، وإتمامه ، وكماله ، وتوسعته ، كقولهم أسبغ الله عليه النعمة ، أي : أكملها ، وأتمها ، ووسعها. لسان العرب ٦ / ١٥٩ مادة سبغ.
مع هذا فلا يصح الاستدلال بالحديث على وجوب غسل الرجلين ، لكونه مجملا ولا يعلم من داخله أن (القوم) كانوا قد تركوا أعقابهم تلوح بعد غسل أرجلهم ، فعبد الله بن عمرو قال : توضؤوا والوضوء أعم من الغسل.
والظاهر من قوله : لم يمسها الماء ، أن القوم كانوا قد مسحوا أرجلهم ، لا أنهم غسلوها ، وإلا لقال : ولم يغسلوا أعقابهم ، خصوصا وأن لفظة لم يمسها أقرب في الدلالة على المسح.
ويؤيد هذا إن الحديث في صحيح سلم جاء بلفظ فجعلنا نمسح على أرجلنا ، فنادى : ويل للأعقاب من النار. صحيح مسلم ١ / ٢١٤ ح ٢٧ باب ٩ من كتاب الطهارة.
وهنا لا يعلم سبب الويل للأعقاب.
ألأنها كانت نجسة ، فتوضأ القوم قبل تطهيرها؟
أو أنها كانت طاهرة فتركت بلا مسح؟
والحديث مجمل من هذه الناحية ، ولا يدل على شئ منهما ، هذا على فرض صحة الحديث ، ولكن سيأتي في الهامش اللاحق ما يدل على وضعه ، فلاحظ.