قالوا : إن الوضوء فريضة عامة ، فلو تعين فيها الغسل ، لما خفي عن أعيان الصحابة ، والمخالفة ثابتة بخلاف علي (عليهالسلام) (١) ، وابن عباس (٢) ، وأنس (٣) ، وغيرهم من الصحابة (٤) ، فالتعين منتف.
لا يقال : هذه النكتة مقلوبة ، إذ لو تعين فيه المسح لما خالف بعض الصحابة :
لأنا نقول (٥) : عنه جوابان :
أحدهما : إن المخالف ربما يكون قد اعتقد إن الغسل أسبغ ، فإن المسح يدخل فيه ، فاستعمله ندبا ، واستمر ، فاشتبه المقصد.
وهذا غير بعيد ، ولهذا ذهب جماعة إلى التخيير (٦).
أو يكون النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) غسل رجلين تطهيرا من نجاسة [قبيل] (٧) الوضوء. فظن بعض الصحابة أن ذلك لرفع الحدث ، وقوي ذلك في ظنه ، فاجتزأ به عن السؤال ، واستمرت حاله فيه.
وليس كذلك المسح ، لأنه لا يحصل فيه الاحتمال المذكور.
__________________
(١) راجع : ص ٣٦٣ مع الهامش رقم ٢.
(٢) راجع : ص ٣٦١ مع الهامش رقم ١.
(٣) راجع : ص ٣٦٢ مع الهامش رقم ٣.
(٤) مثل عمر بن الخطاب ، وابنه عبد الله ، وعم عباد بن تميم ، وأوس الثقفي ، وابن مسعود ، وحذيفة بن اليمان ، وسلمان الفارسي ، وأبي ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، كما فصلناه في الهامش رقم ٣ ص ٣٧٠ ، فراجع.
(٥) في م : لأنا نقول لهم.
(٦) كالحسن البصري ، والطبري ، والجبائي ، وأتباعهما كما تقدم في ص ٣٦٦ مع الهامش رقم ٢ ، وقد ذكرنا في الهامش رقم ٤ ص ٣٦٧ اختلافهم في بيان حكم الأرجل عند الحسن البصري ، فراجع.
(٧) في ر وم : عقيب ، وهو اشتباه ـ لعله من تصرف الناسخ ـ والصحيح هو ما أثبتناه بين العضادتين ، لأن رفع النجاسة يكون قبيل الوضوء لا عقيبه.