الأحبار الكذاب بشهادة عبد الله بن عمر بن الخطاب (١) ، مما يكشف عن كون (عدالة الصحابة) غير مانعة من الرواية عن غير الثقة.
وإذا كانت (العدالة) غير عاصمة ولا مانعة مما ذكرناه فكيف صارت مراسيل الصحابة حجة؟!
ثانيا : مراسيل القرنين الثاني والثالث :
اتفقت الأحناف على العمل بمراسيل القرنين الثاني والثالث ، قال الزلمي : «لأنهم قاسوا في ذلك على علة الأخذ بمراسيل الصحابة وهي العدالة ، ونظرا لوجود العدالة في التابعين وتابعيهم اقتضى الأمر قبول مراسيلهم» (٢).
وقد صرح عبد العزيز البخاري الحنفي بذلك قائلا عن هذا النوع من المرسل بأنه : «حجة عندنا ، وهو فوق المسند» (٣).
وقد نسب الحاكم الاحتجاج بتلك المراسيل إلى جماعة أئمة أهل الكوفة ، كإبراهيم بن يزيد النخعي ، وحماد بن سليمان ، وأبي حنيفة النعمان ابن ثابت ، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي ، ومحمد بن الحسن ، ومن بعدهم من أئمتهم ، ثم قال : «ومنهم من قال أنه أصح من المتصل المسند ، فإن التابعي إذا روى الحديث من الذي سمعه أحال الرواية عليه ، وإذا قال : [قال] رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، فإنه لا يقوله إلا بعد اجتهاده في معرفة صحته» (٤).
__________________
(١) راجع : تفسير الطبري ٢٢ / ١٤٤ و ١٤٥ في تفسير سورة فاطر ٣٥ : الآية ٤١ ستجد ذلك التكذيب الصريح.
(٢) أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية : ٣٢٢ ـ ٣٢٣.
(٣) كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٣ / ٢.
(٤) المدخل ـ للحاكم النيسابوري ـ : ١٥٥.