أبان.
٣ ـ قبوله إن كان العدل مشتهرا بأنه لا يروي إلا عمن هو ثقة عدل ، وهو قول أبي بكر الجصاص ، واختاره السرخسي (١).
وجميع هذه الأقوال لا تخلو من مناقشة :
أما القول الأول : فهو مبتني على أساس القياس ـ الباطل في نفسه ـ على علة قبول مراسيل الصحابة وهي العدالة ، ونظرا لتحققها في رواة القرنين الثاني والثالث ـ بزعمهم ـ فلا بد من قبول مراسيلهم إذن!
وقد مر انتفاء المقيس عليه بنص القرآن الكريم والسنة الثابتة ، مع سيرة الصحابة وتاريخهم.
وأما القولين الآخرين : ففيهما مخالفة واضحة لمباني أربابهما في القياس ، لأن العدالة عندهم ملكة لا تتبعض ، وهي نفسها العلة التامة في قبولهم مراسيل من تقدم بلا قيد أو شرط ، ومع إيمانهم باطراد تلك العلة ، لم يلزموا أنفسهم بقبول مرسل العدل في كل عصر إلا بشرط!!
ولكن حتى مع تجاهل ذلك ، فإن في قبول مرسل أئمة النقل العدول توثيق لعين مجهول.
نعم ، أقرب الأقوال إلى الصواب هو القول الثالث ، ونظيره القول بقبول مراسيل العدول الثلاثة ـ ابن أبي عمير ، وصفوان ، والبزنطي ـ عند الشيعة الإمامية ، لتصريح الشيخ بأنهم لا يرسلون إلا عن ثقة (٢).
هذا ، على فرض أن مفهوم العدالة واحد عند الفريقين ، وأنه لا حصر
__________________
(١) راجع الأقوال المذكورة في : كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٢ / ٢ وص ٧ ، أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية : ٣٢٢ ـ ٣٢٣.
(٢) العدة في أصول الفقه ـ للشيخ الطوسي ـ ١ / ١٥٤.