والغريب في هذا حقا ، عدم التفات أولئك إلى ما في تلك الفترة بالذات من كثرة المنافقين الذين شهد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عليهم بالنفاق والمروق من الدين كما في الحديث المشهور الذي وسم مبغضي أمير المؤمنين (عليهالسلام) بذلك (١) ، وما أكثرهم في ذلك الحين.
ثم لو تركنا منافقي تلك الفترة جانبا وتفحصنا رواة الحديث من القرنين الثاني والثالث لوجدنا الكثير منهم من اتهم بالكذب والتدليس ووضع الحديث فضلا عن الضعفاء والمتروكين ، ناهيك عن كثرة المجاهيل.
وقد بين الشيخ المظفر في دلائل الصدق من هؤلاء وأولئك الكثير (٢).
وهذا يعني أن القول بقبول مراسيل القرنين الثاني والثالث مطلقا ، قول بقبول مراسيل حتى حثالة الرواة في تلك الفترة ، لأنهم من العدول في لغة القياس!
ثالثا : ما أرسله العدل في كل عصر :
اختلف علماء العامة في قبول مرسل العدل في كل عصر على عدة أقوال أشهرها ـ وهو ما ينسب إلى الأحناف ـ ثلاثة ، هي :
١ ـ قبول مرسل العدل في كل عصر مطلقا ، وهو قول أبي الحسن الكرخي.
٢ ـ قبوله إذا كان المرسل العدل من أئمة النقل ، وهو قول عيسى بن
__________________
(١) راجع حديث : «لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق».
في : مسند أحمد ١ / ٩٥ وص ١٢٨ ، سنن الترمذي ٥ / ٦٤٣ ح ٣٧٣٦ ، سنن النسائي ٨ / ١١٦.
(٢) راجع : رجال السنة في الميزان ، طبع القاهرة ، بحث مستل من «دلائل الصدق» للشيخ المظفر.