وشعارهم في ذلك : إن من أسند إليك فقد أحالك ، ومن أرسل فقد تكفل لك (١) ، وأطلق بعضهم عليه لفظ الصحيح عند توفر بعض الشروط.
فمن الأول : ما نجده عند الحاكم النيسابوري في (ذكر معرفة أنواع الصحيح) إذ عد المرسل من جملة أنواع الحديث الصحيح ، فقال في بيان تلك الأنواع : «والصحيح من الحديث منقسم إلى عشرة أقسام : خمسة منها متفق عليها ، وخمسة مختلف فيها» ثم ذكر المرسل في أول أقسام الصحيح المختلف فيها (٢).
ويظهر من كلامه أن المرسل صحيح عند قوم بلا قيد أو شرط ، وسيأتي ما يدل عليه صراحة في بيان الموقف الإسلامي العام من المرسل.
ومن الثاني : أقوال جملة من علماء العامة وفقهائهم وأرباب درايتهم ، منهم الشافعي ، فقد ذكر في الرسالة بعض ما يتصل بالمرسل ، واعتبره صحيحا فيما لو وافق جملة من الدلالات ، منها أن يعضده مرسل من طريق آخر بمعناه (٣) ، واحتج النواوي في التقريب بكلام الشافعي ، ووافقه السيوطي في شرحه على التقريب (٤). وأورد الأخير عن أحمد بن حنبل قوله : «مرسلات سعيد بن المسيب أصح المرسلات» وعن ابن المديني أنه قال : «مرسلات الحسن البصري التي رواها عنه الثقات صحاح» كما نقل عن الماوردي ما يدل على أنه كان لا يرى بأسا في تسمية المرسل بالصحيح إذا ما وافق قول الصحابي ، أو أفتى أكثر العلماء بمضمونه ، أو وافق القياس ،
__________________
(١) قواعد التحديث : ١٣٤.
(٢) المدخل : ١٥٥.
(٣) أنظر : الرسالة : ٤٦٢ رقم ١٢٦٥ ـ ١٢٧٢.
(٤) تدريب الراوي ١ / ١٠٤.