أو كان له شاهد آخر سواء كان مسندا أو مرسلا من طريق آخر (١).
وبالجملة فإن الماوردي يسمي المرسل المقبول عندهم ـ وهو المؤيد بواحد من الأمور المذكورة ـ صحيحا! وأكثر ما مر لا يخلو من مناقشة :
أما كلام الشافعي ، ففيه : أن المرسل ـ بناء على اختصاصه بالضعيف ـ فلا معنى لأن يكون صحيحا فيما لو أخرج من طريق مرسل آخر ، لأن الضعيف لا يتقوى بمثله ، بل بما هو أعلى درجة منه كالحسن ، أو الصحيح ، ليرتفع إلى درجته لا أن يسمى باسمه ، وغاية ما يفيده المرسل الآخر أنه يزيل الضعف المحتمل بحفظ الراوي الثقة الذي أرسل أولا ، ويعلم من خلال الطريق الثاني المرسل أنه لم يختل حفظ المرسل الأول ، وأين هذا من عد المرسل ـ من طريقين ـ صحيحا؟!
وأما عن كلام أحمد فلا يمكن حمله على إطلاقه حتى مع فرض أن سعيد بن المسيب لا يروي إلا عن ثقة ، لأنهم قسموا المراسيل على أقسام وجعلوا أعلاها رتبة مراسيل الصحابة ، ثم تليها مراسيل التابعين لا سيما مراسيل سعيد بن المسيب ، ولو صح قول أحمد لجاء على تقسيمهم من القواعد.
وأما عن كلام ابن المديني فهو لا يرجع إلى محصل ، لأن المعروف عن مراسيل الحسن البصري أنها شبه الريح على حد تعبيرهم في كتب الدراية ، ولهذا قال عنه ابن سيرين : «الحسن لا يبالي عمن سمع» (٢) ، وقال أيضا لعاصم الأحول : «لا تحدثني عن الحسن ولا عن أبي العالية بشئ ، فإنهما لا يباليان عمن أخذا الحديث» (٣).
__________________
(١) تدريب الراوي ١ / ١٠٧.
(٢) آفة أصحاب الحديث ـ لابن الجوزي ـ : ٩٠.
(٣) الكفاية : ٣٩٢.