وقال أحمد بن حنبل : «وليس في المرسلات شئ أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح ، فإنهما يأخذان عن كل أحد» (١) ، وقال ابن سعد في طبقاته عن الحسن البصري : «وما أرسل من الحديث فليس بحجة» (٢) ، وهذه الأقوال مطلقة في تضعيف سائر مراسيل الحسن البصري ، هذا زيادة على كونه معروفا بالتدليس.
ولو قال أن رواية الثقات عن الشخص المدلس تعديلا له ، لكان له وجه ، أما جعل روايتهم عنه مصححا لمراسيله فهو أكبر من المصادرة.
وأما كلام الماوردي ، فأول ما فيه أنه لم ينقح الأمور التي تجعل المرسل مقبولا عندهم ، فقفز إلى النتيجة على مقدمات خاوية!
فلا الصحابي قوله حجة على التحقيق ، ولا أساس في واقع الشريعة للقياس ، ولا للشاهد المرسل ذلك التأثير المدعى ، هذا إن لم نقل إن إفتاء أكثر علمائهم بمضمونه لا يجدي فتيلا أحيانا ، فقد أفتى علماء الأحناف بأن القهقهة من نواقض الوضوء (٣) ـ وهم أكثر فقهاء العامة ـ ومستندهم في ذلك مرسل أبي العالية لا غيره (٤).
فهل يوافق الماوردي الشافعي على تصحيح مرسل أبي العالية لإفتاء أكثر العلماء بموجبه ولا يرده كما رده الجمهور ، وعلى رأسهم ابن رشد في
__________________
(١) الكفاية : ٣٨٦.
(٢) الطبقات الكبرى ٧ / ١٥٧ ـ ١٥٨.
(٣) الفتاوى الهندية للشيخ نظام الحنفي وجماعته ١ / ١٣ ، فتاوي قاضي خان الحنفي ١ / ٣٨ ، مطبوع بهامش الفتاوى الهندية.
(٤) سنن الدارقطني ١ / ١٢٣ ح ٥٩١ وما بعده ، باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها من كتاب الطهارة ، وفي الباب أخرج الحديث موصولا من وجوه كلها موضوعة لا تصح بتصريح الدارقطني نفسه.