بداية المجتهد (١)؟
وبهذا يتبين السر في عدم مناقشة معرفة أنواع الصحيح عند الحاكم ، لأنها خاوية على عروشها.
وكما أطلق لفظ الصحيح على المرسل بكتب الدراية عند العامة ، فقد أطلق كذلك في كتب الدراية الشيعية ، فقد قال الشهيد الثاني في بحث الخبر الصحيح : أنه قد يطلق الصحيح على سليم الطريق من الطعن بما ينافي الاتصال بالعدل الإمامي وإن اعتراه ـ مع ذلك ـ إرسال أو قطع (٢).
ولا شك أن هذا تساهل في الاصطلاح ، ونقض للغرض المطلوب من تقسيم الأخبار وإفراد كل قسم منها باسم خاص ليتميز عن غيره من الأقسام ، وهذا هو عين ما اعترض به الشيخ حسن نجل الشهيد الثاني على والده (رحمهماالله) ، ثم قال : «والأصل فيه على ما ظهر لي : أن بعض المتقدمين من المتأخرين أطلق الصحيح على ما فيه إرسال أو قطع نظرا منه إلى ما اشتهر بينهم من قبول المراسيل التي لا يروي مرسلها إلا عن ثقة ، فلم ير إرسالها منافيا لوصف الصحة» (٣).
الموقف الإسلامي العام من الحديث المرسل :
اختلفت مواقف المذاهب الإسلامية من الحديث المرسل اختلافا واسعا ، ويظهر من خلاصة الأقوال في المرسل ـ كما سيأتي بعد ذلك ـ
__________________
(١) بداية المجتهد ونهاية المقتصد ١ / ٤١ ، المسألة السادسة من نواقض الوضوء ، معترفا بأن أصل حديث القهقهة هو مرسل أبي العالية.
(٢) شرح البداية : ٢٢.
(٣) منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان ـ للشيخ حسن ـ ١ / ١٣.