وثاقة الرواة ، لكان التصريح به أولى من غيره ، وفي روضة المتقين ، والوافي ـ باعتبارهما من أوسع الكتب التي تعرضت لأحاديث الفقيه ـ ما يدل على عدم اتباع ذلك المنهج في الفقيه ، بل جرى فيه على متعارف المتقدمين في إطلاق الصحيح على ما يركن إليه ويعتمد عليه ، فحكم بصحة ما أورده في كتابه من الأحاديث وإن لم يكن قسم منها صحيحا على مصطلح المتأخرين (١) ، وهذا لا يتنافى مع حكمه عليها بالصحة واعتبارها حجة ، لأنه أحرز صدورها عن المعصوم (عليهالسلام) بطريق ما غير الوثاقة في الراوي.
وصفوة القول في مرسلات الصدوق (رحمهالله) ـ على الرأي الثاني ـ هو أن بعض ما أسنده في مشيخة الفقيه لم تراع فيه الوثاقة فكيف يكون الحال مع المرسلات التي كانت مرسلة في مصادرها ، أو مسندة ولا يعلم إسنادها من طريق آخر؟! هذا فضلا عن عدم الوقوف على القرائن التي اعتمدها في تصحيح الأخبار.
دليل القول الثالث :
القول الثالث كما مر هو القول بالتفصيل ، إذ ميز أرباب هذا القول بين مرسلات الفقيه على أساس حجية ما تصدر منها بعبارة «وقال (عليهالسلام) :» عن غيرها من المرسلات الأخرى في الفقيه ، أي : التمييز بين ما أضيف إلى مطلق المعصوم (عليهالسلام) رأسا بلا أدنى واسطة ، وبين ما أضيف إليه (عليهالسلام) بالواسطة ، فاعتبروا الأول دون الثاني ، ودليلهم على ذلك ، أن إيراد الثقة العدل خبر عن المعصوم (عليهالسلام) على نحو الجزم كما لو قال : قال الإمام الصادق (عليهالسلام)
__________________
(١) أنظر : روضة المتقين ١ / ١٧ ، الوافي ١ / ٢٣.