وثانيا : أنه قد تقرر في علم الميزان أن الكلي الطبيعي لا استقلال له بالوجود ، وإنما وجوده في ضمن أفراده وبتبعها ، فليس معنى قولنا : لعنة الله على الكافر والفاسق والمبتدع و ... إلى آخره ، إلا لعن أفراد ذلك الكلي ومصاديقه ، وإلا فلا معنى للعن الكلي نفسه.
فتحصل من ذلك جواز لعن يزيد وابن زياد وعمر بن سعد وشمر وغيرهم ، لأن كلا منهم فرد من أفراد كلي الكافر والفاسق والظالم و ... إلى آخره.
فلا مناص من الإذعان لجواز لعن المعين ، إذ المانعون يجيزونه في نفس الأمر ، وإن كانوا ينكرونه بألسنتهم ، بل إن تجويزهم اللعن بصيغة ومنعه بأخرى سفسطة ظاهرة ، والعبرة بحقائق الأمور ، ومن ثم قال الآلوسي (١) : من كان يخشى القال والقيل من التصريح بلعن ذلك الضليل ، فليقل : لعن الله من رضي بقتل الحسين (عليهالسلام) ومن آذى عترة النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بغير حق ومن غصبهم حقهم ، فإنه يكون لاعنا له ـ يعني يزيد لعنه الله ـ لدخوله تحت العموم دخولا أوليا في نفس الأمر. انتهى.
وثالثا : أن اللعن الوارد في شأن مستحقه من الكفار والمنافقين والفسقة والظالمين وغيرهم من قبيل القضايا الحملية الحقيقية ، وهي التي حكم فيها على أفراد الموضوع المقدرة الوجود في الخارج ، كقولنا : كل إنسان حيوان ، على معنى أن كل ما لو وجد كان إنسانا فهو بحيث لو وجد كان حيوانا ، فالحكم على الأفراد المقدرة الوجود في الخارج ، سواء كانت موجودة في الخارج أو معدومة.
__________________
(١) روح المعاني ٢٦ / ٧٣ ـ ٧٤.