لمساكينهم ، وسهم لأبناء سبيلهم لا يشركهم في ذلك غيرهم ورووا ذلك عن زين العابدين. ومحمد بن علي الباقر رضي الله تعالى عنهم ، والظاهر أن الأسهم الثلاثة الأول التي ذكروها تخبأ في السرداب إذ القائم مقام الرسول قد غاب عندهم فتخبأ له حتى يرجع من غيبته ، وقيل : سهم الله تعالى لبيت المال ، وقيل : هو مضموم لسهم الرسول صلىاللهعليهوسلم.
هذا ولم يبين سبحانه حال الأخماس الأربعة الباقية وحيث بين جل شأنه حكم الخمس ولم يبينها دل على أنها ملك الغانمين. وقسمتها عند أبي حنيفة للفارس سهمان وللراجل سهم واحد. لما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلىاللهعليهوسلم فعل كذلك ، والفارس في السفينة يستحق سهمين أيضا وإن لم يمكنه القتال عليها فيها للتأهب ، والمتأهب للشيء كالمباشر في المحيط ، ولا فرق بين الفرس المملوك والمستأجر والمستعار وكذا المغصوب على تفصيل فيه ، وذهب الشافعي ومالك إلى أن للفارس ثلاثة أسهم لما روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلىاللهعليهوسلم أسهم للفارس ذلك وهو قول الإمامين.
وأجيب بأنه قد روي عن ابن عمر أيضا أن النبي صلىاللهعليهوسلم قسم للفارس سهمين فإذا تعارضت روايتاه ترجح رواية غيره بسلامتها عن المعارضة فيعمل بها ، وهذه الرواية رواية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وفي الهداية أنه عليه الصلاة والسلام تعارض فعلاه في الفارس فنرجع إلى قوله عليه الصلاة والسلام وقد قال صلىاللهعليهوسلم : «للفارس سهمان وللراجل سهم» وتعقبه في العناية بأن طريقة استدلاله مخالفة لقواعد الأصول فإن الأصل أن الدليلين إذا تعارضا وتعذر التوفيق والترجيح يصار إلى ما بعده لا إلى ما قبله وهو قال : فتعارض فعلاه فنرجع إلى قوله ، والمسلك المعهود في مثله أن نستدل بقوله ونقول فعله لا يعارض قوله لأن القول أقوى بالاتفاق ، وذهب الإمام إلى أنه لا سهم إلا لفرس واحد وعند أبي يوسف يسهم لفرسين ، وما يستدل به على ذلك محمول على التنفيل عند الإمام كما أعطى عليه الصلاة والسلام سلمة بن الأكوع سهمين وهو راجل ولا يسهم لثلاثة اتفاقا (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ) شرط جزاؤه محذوف أي إن كنتم آمنتم بالله تعالى فاعلموا أنه تعالى جعل الخمس لمن جعل فسلموه إليهم واقنعوا بالأخماس الأربعة الباقية ، وليس المراد مجرد العلم بذلك بل العلم المشفوع بالعمل والطاعة لأمره تعالى ، ولم يجعل الجزاء ما قبل لأنه لا يصح تقدم الجزاء على الشرط على الصحيح عند أهل العربية ، وإنما لم يقدر العمل قصرا للمسافة كما فعله النسفي لأن المطرد في أمثال ذلك أن يقدر ما يدل ما قبله عليه فيقدر من جنسه ، وقوله سبحانه : (وَما أَنْزَلْنا) عطف على الاسم الجليل و (ما) موصولة والعائد محذوف أي الذي أنزلناه (عَلى عَبْدِنا) محمد صلىاللهعليهوسلم ، وفي التعبير عنه بذلك ما لا يخفى من التشريف والتعظيم ، وقرئ «عبدنا» بضمتين جمع عبد ، وقيل : اسم جمع له وأريد به النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون فإن بعض ما نزل نازل عليهم (يَوْمَ الْفُرْقانِ) هو يوم بدر فالإضافة للعهد ، والفرقان بالمعنى اللغوي فإن ذلك اليوم قد فرق فيه بين الحق والباطل ، والظرف منصوب بأنزلنا ، وجوز أبو البقاء تعلقه بآمنتم ، وقوله سبحانه : (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) بدل منه أو متعلق بالفرقان ، وتعريف الجمعان للعهد ، والمراد بهم الفريقان من المؤمنين والكافرين ، والمراد بما أنزل عليه الصلاة والسلام من الآيات والملائكة والنصر على أن المراد بالانزال مجرد الإيصال والتيسير فيشمل الكل شمولا حقيقيا فالموصول عام ولا جمع بين الحقيقة والمجاز خلافا لمن توهم فيه ، وجعل الإيمان بهذه الأشياء من موجبات العلم بكون الخمس لله تعالى على الوجه المذكور من حيث إن الوحي ناطق بذلك وإن الملائكة والنصر لما كانا منه تعالى وجب أن يكون ما حصل بسببهما من الغنيمة مصروفا إلى الجهات التي عينها الله سبحانه (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ومن آثار قدرته جل شأنه ما شاهدتموه يوم التقى الجمعان (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا) بدل من يوم أو معمول لا ذكروا مقدرا ، وجوز أبو البقاء أن يكون ظرفا لقدير وليس بشيء ، والعدوة