الْخَيْلِ) الرباط قيل : اسم للخيل التي تربط في سبيل الله تعالى على أن فعال بمعنى مفعول أو مصدر سميت به يقال : ربط ربطا ورباطا ورابط مرابطة ورباطا. واعترض بأنه يلزم على ذلك إضافة الشيء لنفسه.
ورد بأن المراد أن الرباط بمعنى المربوط مطلقا إلا أنه استعمل في الخيل وخص بها فالإضافة باعتبار المفهوم الأصلي. وأجاب القطب بأن الرباط لفظ مشترك بين معاني الخيل وانتظار الصلاة بعد الصلاة والإقامة على جهاد العدو بالحرب ، ومصدر رابطت أي لازمت فأضيف إلى أحد معانيه للبيان كما يقال : عين الشمس وعين الميزان ، قيل : ومنه يعلم أنه يجوز إضافة الشيء لنفسه إذا كان مشتركا ، وإذا كانت الإضافة من إضافة المطلق إلى المقيد فهي على معنى من التبعيضية ، وجوز أن يكون جمع ربيط كفصيل وفصال أو جمع ربط ككعب وكعاب وكلب وكلاب. وعن عكرمة تفسيره بإناث الخيل وهو كتفسيره القوة بما سبق قريبا بعيد ، وذكر ابن المنير أن المطابق للرمي أن يكون الرباط على بابه مصدرا ، وعلى تفسير القوة بالحصون يتم التناسب بينه وبين رباط الخيل لأن العرب سمت الخيل حصونا وهي الحصون التي لا تحاصر كما في قوله :
ولقد علمت على تجنبي الردى |
|
أن الحصون الخيل لا مدر القرى |
وقال :
وحصني من الأحداث ظهر حصاني
وقد جاء مدحها فيما لا يحصى من الأخبار وصح «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة».
وأخرج أحمد عن معقل بن يسار ، والنسائي عن أنس : لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد النساء من الخيل. وميز صلىاللهعليهوسلم بعض أصنافها على بعض. فقد أخرج أبو عبيدة عن الشعبي في حديث رفعه «التمسوا الحوائج على الفرس الكميت الأرثم المحجل الثلاث المطلق اليد اليمنى».
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلىاللهعليهوسلم «يمن الخيل في شقرها» وأخرج مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكره الشكال من الخيل» واختلف في تفسيره ففي النهاية الشكال في الخيل أن تكون ثلاث قوائم محجلة وواحدة مطلقة تشبيها بالشكال الذي يشكل به الخيل لأنه يكون في ثلاث قوائم غالبا وقيل : هو أن تكون الواحدة محجلة والثلاث مطلقة ، وقيل : هو أن تكون إحدى يديه وإحدى رجليه من خلاف محجلتين ، وإنما كرهه عليه الصلاة والسلام تفاؤلا لأنه كالمشكول صورة ، ويمكن أن يكون جرب ذلك الجنس فلم يكن فيه نجابة ، وقيل : إذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة لزوال شبه الشكال انتهى.
ولا يخفى عليك أن حديث الشعبي يشكل على القول الأول إلا أن يقال : إنه يخصص عمومه وأن حديث التفاؤل غير ظاهر ، والظاهر التشاؤم وقد جاء «إنما الشؤم في ثلاث في الفرس والمرأة والدار» وحمله الطيبي على الكراهة التي سببها ما في هذه الأشياء من مخالفة الشرع أو الطبع كما قيل : شؤم الدار ضيقها وسوء جيرانها وشؤم المرأة عقمها وسلاطة لسانها وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها ، لكن قال الجلال السيوطي في فتح المطلب المبرور : إن حديث التشاؤم بالمرأة والدار والفرس قد اختلف العلماء فيه هل هو على ظاهره أو مؤول؟ والمختار أنه على ظاهره وهو ظاهر قول مالك انتهى. ولا يعارضه ما صح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: ذكر الشؤم عند النبي صلىاللهعليهوسلم فقال عليه الصلاة والسلام : «إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس» فإنه ليس نصا في استثناء نقيض المقدم وإن حمله عياض على ذلك لاحتمال أن يكون على حد قوله صلىاللهعليهوسلم : «قد كان فيمن قبلكم من الأمم محدثون فإن يكن في أمتي منهم أحد فإنه عمر بن الخطاب» وقد ذكروا هناك أن التعليق للدلالة على التأكيد والاختصاص ونظيره في ذلك :