مجمعا ، ففي شرح الكافية للرضي وبعض النحاة لا يشترط تشاركهما في الفاعل وهو الذي يقوى في ظني وإن كان الأغلب هو الأول. واستدل على جواز عدم التشارك بما ذكرناه في حواشينا على شرح القطر للمصنف.
وفي همع الهوامع وشرط الأعلم والمتأخرون المشاركة للفعل في الوقت والفاعل ولم يشترط ذلك سيبويه ولا أحد من المتقدمين ، واحتاج المشترطون إلى تأويل هذا للاختلاف في الفاعل فإن فاعل الإراءة هو الله تعالى وفاعل الطمع والخوف غيره سبحانه فقيل : في الكلام مضاف مقدر وهو إرادة أي يريكم ذلك إرادة أن تخافوا وتطمعوا فالمفعول له المضاف المقدر وفاعله وفاعل الفعل المعلل به واحد ، وقيل : الخوف والطمع موضوعان موضع الإخافة والأطماع كما وضع النبات موضع الإنبات في قوله تعالى : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) [نوح : ١٧] والمصادر ينوب بعضها عن بعض أو هما مصدران محذوفا الزوائد كما في شرح التسهيل ، وقيل : إنهما مفعول له باعتبار أن المخاطبين رائين لأن إراءتهم متضمنة لرؤيتهم والخوف والطمع من أفعالهم فهم فعلوا الفعل المعلل بذلك وهو الرؤية فيرجع إلى معنى قعدت عن الحرب جبنا وهذا على طريقة قول النابغة الذبياني :
وحلت بيوتي في يفاع ممنع |
|
يخال به راعي الحمولة طائرا |
حذارا على أن لا تنال مقادتي |
|
ولا نسوتي حتى يمتن حرائرا |
حيث قيل : إنه على معنى أحللت بيوتي حذارا ، ورد ذلك المولى أبو السعود بأنه لا سبيل إليه لأن ما وقع في معرض العلة الغائية لا سيما الخوف لا يصلح علة لرؤيتهم. وتعقبه عزمي زاده وغيره بأن كلام واه لأن القائل صرح بأنه من قبيل قعدت عن الحرب جبنا ويريد أن المفعول له حامل على الفعل وموجود قبله وليس مما جعل في معرض العلة الغائية كما قالوا في ضربته تأديبا فلا وجه للرد عليه بما ذكر ، وقيل : التعليل هنا مثله في لام العاقبة لا أن ذلك من قبيل قعدت عن الحرب جبنا كما ظن لأن الجبن باعث على القعود دونهما للرؤية وهو غير وارد لأنه باعث بلا شبهة ، واعترض عليه العزمي بأن اللام المقدرة في المفعول له لم يقل أحد بأنها تكون لام العاقبة ولا يساعده الاستعمال وهو ليس بشيء ، كيف وقد قال النحاة كما في الدر المصون : إنه كقول النابغة السابق ، وقال أيضا : بقي هاهنا بحث وهو أن مقتضى جعل الآية نحو قعدت إلى آخره على ما قاله ذلك القائل أن يكون الخوف والطمع مقدمين في الوجود على الرؤية وليس كذلك بل هما إنما يحصلان منها ويمكن أن يقال : المراد بكل من الخوف والطمع على ما قاله ما هو من الملكات النفسانية كالجبن في المثال المذكور ويصح تعليل الرؤية من الإراءة بهما يعني أن الرؤية التي تقع بإراءة الله سبحانه إنما كانت لما فيهم من الخوف والطمع إذ لو لم يكن في جبلتهم ذلك لما كان لتلك الرؤية فائدة اه ، ولا يخفى ما فيه من التعسف ، وقد علمت أنه غير وارد ، وقيل : إن النصب على الحالية من (الْبَرْقَ) أو المخاطبين بتقدير مضاف أو تأويل المصدر باسم المفعول أو الفاعل أو إبقاء المصدر على ما هو عليه للمبالغة كما قيل في زيد عدل (وَيُنْشِئُ السَّحابَ) أي الغمام المنسحب في الهواء (الثِّقالَ) بالماء وهي جمع ثقيلة وصف بها السحاب لكونه اسم جنس في معنى الجمع ويذكر ويؤنث فكأنه جمع سحابة ثقيلة لا أنه جمع أو اسم جنس جمعي لاطلاقه على الواحد وغيره.
(وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ) قيل : هو اسم للصوت المعلوم والكلام على حذف مضاف أي سامعو الرعد أو الإسناد مجازي من باب الإسناد للحامل والسبب ، والباء في قوله سبحانه : (بِحَمْدِهِ) للملابسة ، والجار والمجرور في موضع الحال أي يسبح السامعون لذلك الصوت ملتبسين بحمد الله تعالى فيضجون بسبحان الله والحمد لله.
وقيل : لا حذف ولا تجوز في الإسناد وإنما التجوز في التسبيح والتحميد حيث شبه دلالة الرعد بنفسه على