أعلام ياقوت نشر |
|
ن على رماح من زبرجد |
وقال ابن عطية : هي للشك على بابها على معنى أنه لو اتفق أن يقف على أمرها شخص من البشر لكانت من السرعة بحيث يشك هل هو كلمح البصر أو أقرب. وتعقبه في البحر أيضا بأن الشك بعيد لأن هذا إخبار من الله تعالى عن أمر الساعة والشك مستحيل عليه سبحانه أي فلا بد أن يكون ذلك بالنسبة إلى غير المتكلم ، وفي ارتكابه بعد ، ويدل على أن هذا مراده تعليله البعد بالاستحالة فليس اعتراضه مما يقضي منه العجب كما توهم ، وقال الزجاج : هي للإبهام وتعقب بأنه لا فائدة في إبهام أمرها في السرعة وإنما الفائدة في إبهام وقت مجيئها. وأجيب بأن المراد أنه يستبهم على من يشاهد سرعتها هل هي كلمح البصر أو أقل فتدبر. والمأثور عن ابن جريج أنها بمعنى بل وعليه كثيرون ، والمراد تمثيل سرعة مجيئها واستقرابه على وجه المبالغة ، وقد كثر في النظم مثل هذه المبالغة ، ومنه قول الشاعر :
قالت له البرق وقالت له الري |
|
ح جميعا وهما ما هما |
أأنت تجري معنا قال إن |
|
نشطت أضحكتكما منكما |
إن ارتداد الطرف قد فته |
|
إلى المدى سبقا فمن أنتما |
وقيل : المعنى وما أمر إقامة الساعة المختص علمها به سبحانه وهي إماتة الأحياء وإحياء الأموات من الأولين والآخرين وتبديل صور الأكوان أجمعين وقد أنكرها المنكرون وجعلوها من قبيل ما لا يدخل تحت دائرة الإمكان في سرعة الوقوع وسهولة التأتي إلا كلمح البصر أو هو أقرب على ما مر من الأقوال في (أَوْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ومن جملة الأشياء أن يجيء بها في أسرع ما يكون فهو قادر على ذلك ، وتقول على الثاني : ومن جملة ذلك أمر إقامتها فهو سبحانه قادر عليه فالجملة في موضع التعليل. وفي الكشف على تقدير عموم الغيب وشموله لجميع ما غاب في السموات والأرض إن قوله تعالى : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ) كالمستفاد من الأول وهو كالتمهيد له أي يختص به علم كل غيب الساعة وغيرها فهو الآتي بها للعلم والقدرة ، ولهذا عقب بقوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ) إلخ ، وأما إذا أريد بالغيب الساعة فهو ظاهر اه. ولا يخفى الحال على القول بأن المراد بالغيب ما في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) [لقمان : ٣٤] الآية ، وعلى القول الأخير في الغيب يكون ذكر الساعة من وضع الظاهر موضع الضمير لتقوية مضمون الجملة.
(وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) عطف على قوله تعالى : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) [النحل : ٧٢] منتظم معه في سلك أدلة التوحيد ، ويفهم من قول العلامة الطيبي أنه تعالى عقب قوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) بقوله جل وعلا : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ) إلخ معطوفا بالواو إيذانا بأن مقدوراته تعالى لا نهاية لها والمذكور بعض منها أن العطف على قوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ) إلخ ، والذي تنبسط له النفس هو الأول.
والأمهات بضم الهمزة (١) وفتح الهمزة جمع أم والهاء فيه مزيدة وكثر زيادتها فيه وورد بدونها ، والمعنى في الحالين واحد ، وقيل : ذو الزيادة للأناسي والعاري عنها للبهائم ، ووزن المفرد فعل لقولهم الأمومة ، وجاء بالهاء كقول قصي بن كلاب عليهما الرحمة :
__________________
(١) قوله : وفتح الهمزة كذا بخط المؤلف ولعله سبق قلم وصوابه وفتح الميم.