أتركها إن شاء الله تعالى أو أقول إن شاء الله تعالى إذا قلت إني فاعل أمرا فيما بعد ، ولا يخفى أنه خلاف الظاهر جدا.
وجوز أن يكون المعنى واذكر ربك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت الاستثناء ، والمراد من ذلك المبالغة في الحث عليه بإيهام أن تركه من الذنوب التي يجب لها التوبة والاستغفار ، وقيل المعنى واذكر ربك وعقابه إذا تركت بعض ما أمرك به ليبعثك ذلك على التدارك ، وحمل النسيان على الترك مجاز لعلاقة السببية والمسببية أو اذكر ربك إذا عرض لك نسيان ليذكرك المنسي ، و (نَسِيتَ) على هذا منزل منزلة اللازم ، ولا يخفى بعد ارتباط الآية على هذين المعنيين بما سبق.
وحمل قتادة الآية على أداء الصلاة المنسية عند ذكرها فإذا أراد أن المراد من الآية واقض الصلاة المنسية إذ ذكرتها فهو كما ترى وأمر الارتباط كما في سابقه ، وإن أراد أنها تدل على الأمر بقضاء الصلاة المنسية عند ذكرها لما أنها دلت على الأمر بذكر الاستثناء المنسي ، وأمر الصلاة أشد والاهتمام بها أعظم فالأمر أسهل ولكن ظاهر كلامهم أنه أراد الأول.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عن عكرمة أنه قال في الآية : أي اذكر ربك إذا غضبت ، ووجه تفسير النسيان بالغضب أنه سبب للنسيان ، وأمر هذا القول نظير ما مر.
(وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي) أي يوفقني (لِأَقْرَبَ مِنْ هذا) أي لشيء أقرب وأظهر من نبأ أصحاب الكهف من الآيات والدلائل الدالة على نبوتي (رَشَداً) إرشادا للناس ودلالة على ذلك.
وإلى هذا ذهب الزجاج ، وقد فعل ذلك عزوجل حيث آتاه من الآيات البينات ما هو أعظم من ذلك وأبين كقصص الأنبياء عليهمالسلام المتباعدة أيامهم والحوادث النازلة في الأعصار المستقبلة إلى قيام الساعة ، وكأنه تهوين منه عزوجل لأمر قصة أصحاب الكهف كما هونه جل وعلا أولا بقوله سبحانه «أم حسبت» إلخ ، وهو متعلق بمجموع القصة ، وعطفه بعض الأفاضل على العامل في قوله تعالى : «إذ أوى الفتية إلى الكهف» كأنه قيل اذكر إذ أوى الفتية إلخ وقل عسى أن يهديني ربي لما هو أظهر من ذلك دلالة على نبوتي.
وقال الجبائي : هو متعلق بقوله تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ) إلى آخره ؛ والمعنى عنده ادع ربك سبحانه وتعالى إذا نسيت شيئا أن يذكرك إياه وقل إن لم يذكرك سبحانه عسى أن يهديني لشيء أقرب من المنسي خيرا ومنفعة «فهذا» إشارة إلى المنسي والرشد الخير والمنفعة و (أقرب) على معناه الحقيقي ، ولا يخفى أن هذا أقرب من جهة المتعلق وأبعد من جهات ، وقيل : إنه متعلق بالمتعاطفات قبله و (هذا) إشارة إلى ما تضمنته من الخير أمرا ونهيا كأنه قيل افعل كذا ولا تفعل كذا وأطمع من ربك أن يهديك لأقرب مما أرشدت إليه في ضمن ما سمعت من الأمر والنهي خيرا ومنفعة ، وقد هدى صلىاللهعليهوسلم في ضمن ما أنزل عليه عليه الصلاة والسلام بعد ذلك من الأوامر والنواهي إلى ما هو أقرب من ذلك منفعة ولا يكاد يحصى وهو كما ترى ، ولعله على علاته أقرب مما نقل عن الجبائي ، وقال ابن الأنباري : معنى الآية عسى أن يعرفني ربي جواب مسائلكم قبل الوقت الذي حددته لكم ويعجل لي من جهته الرشاد ، ولا يكاد يستفاد هذا المعنى من الآية ، وعلى فرض الاستفادة تكون نظير استفادة المعاني المرادة من المعميات ويجل كتاب الله تعالى الكريم عن ذلك. وأخرج البيهقي من طريق المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن رجل من أهل الكوفة أنه كان يقول : إذا نسي الإنسان الاستثناء فتوبته أن يقول (عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) وحكاه أبو حيان عن محمد الكوفي المفسر ، والظاهر أنه الرجل الذي ذكره المعتمر ، وهو قول لا دليل عليه (وَلَبِثُوا فِي