بدر ، فكيف تجور للإمام الغيبة مع تلك الرواية؟
أجاب الشيخ : إن الشيعة وإن كانت كثيرة من حيث العدد والكم ، لكن العدد المذكور في الرواية ليس المراد بهم العدد والكم فقط ، وإنما هم على كيفية خاصة ، وتلك الكيفية لم نعلم حصولها بعد بصفتها وشروطها ، حيث أنه يجب أن يكونوا على حالة مأمونة من الشجاعة ، والصبر على اللقاء ، والاخلاص في الجهاد ، إيثارا للآخرة على الدنيا ، ونقاء السرائر من العيوب ، وصحة الأبدان والعقول ، وأنهم لا يهنون ، ولا يفترون عند اللقاء ، ويكون العلم من الله لعموم المصلحة في ظهورهم بالسيف.
ولم نعلم أن كل الشيعة بهذه الصفات وعلى هذه الشروط.
ولو علم الله أن في جملتهم من هذه صفته على العدد المذكور ، ولم يكن معذورا عن حمل السيف ، لظهر الإمام عليه السلام لا محالة ، ولم يغب بعد اجتماعهم طرفة عين.
لكن من الواضح عدم حصول مثل هذا الاجتماع ، فلذلك استمرت الغيبة.
واعترض السائل : ومن أين عرفت لزوم هذه الصفات والشروط مع خلو النص المذكور عن شئ منها؟
أجاب الشيخ : إن مسلمات الإمامة تفرض علينا إثبات هذه الصفات الأصحاب الإمام عليه السلام ، فحيث ثبت لنا وجوب الإمامة ، وصحت عندنا عصمة الأئمة بحججها القويمة ، فلا بد أن نشرح الحديث المذكور بما يوافق تلك الثوابت ، حتى يصح عندنا معناه.
فتلك الأصول وصحة الخبر المذكور تقتضي أن يكون العدد المذكور موصوفا بتلك الصفات.