وقد مثل الشيخ لما ذكر ، بما ثبت من جهاد النبي صلى الله عليه والله وسلم يوم بدر ب (٣١٣) رجلا من أصحابه ، لكنه يوم الحديبية أعرض عن الحرب ، وقعد ، مع أن أصحابه يومئذ كانوا أضعاف أهل بدر في العدد.
وبما أنا نعلم عصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنه لا يقوم بأمر إلا ما هو الصواب ، علمنا أن أصحابه في الحديبية لم يتصفوا بما اتصف به أصحابه يوم بدر وإلا لما وسعه صلى الله عليه وآله القعود عن جهاد المشركين ، ولوجب عليه كما وجب عليه في بدر ، ولو وجب عليه لما تركه لما نعلم من عصمته وصوابه.
وحاول السائل : أن يفرق بين النبي صلى الله عليه والله ، وبين الإمام عليه السلام ، بأن النبي يوحى إليه ، ويعرف وجه المصلحة في الأمور من خلال الوحي ، ولكن ما طريق الإمام إلى معرفة ذلك؟
أجاب الشيخ : إن الإمام ـ عند الشيعة ـ معهود إليه ، واقف على ما يأتي وما يذكر ، منصوبة له أمارات تدل على العواقب في التدبيرات والمصالح في الأفعال ، بعهد من النبي صلى الله عليه وآله الذي يوحى إليه ويطلع على علم السماء.
ولو كان الإمام عليه السلام كسائر العقلاء معتبرا ذلك بغلبة الظن والحدس ، وما يظهر له من الصلاح لكفى وأغنى ، وقام مقام التحقيق بلا ارتياب ، لا سيما على مذهب المخالفين في جواز الاجتهاد حتى للنبي صلى الله عليه وآله. وإن كنا لا نرى ذلك.
واعترض السائل : لم لم يظهر الإمام عليه السلام وإن كان ظهوره يؤدي إلى قتله ، فيكون البرهان له ، والحجة في إمامته أوضح ، ويزول الشك في وجوده