فيؤدى إلى تعطيل أدلّة الشرع وأوامره. والذين قالوا بالوقف لم يرتكبوا هذا الخطر ، ولا سلكوا هذا الوعر ، فدع هذا وعدّ القول إلى العلم إن كنت من أهله.
فإن قيل : محمول قوله : أوفوا بالعقود على المقيّد لما بيّنا ، وهي :
المسألة العاشرة ـ قلنا : فقد أبطلنا ما يثبت محمول قوله : أوفوا بالعقود على كل عقد مطلق ومقيّد. وماذا تريد بقولك مقيّدا؟ تريد قيّد بالجواز أم قيّد بقربة ، أو قيّد بشرط؟ فإن أردت به قيّد بشرط لزمك فيه ما لزمك في المطلق من أنّ الشرط منه ما لا يجوز كما تقدم لك (١) ، وإن قلت مقيّد بقربة فيبطل بالمعاملات ، وإن قلت مقيّد بالدليل فالدليل هو قول الله سبحانه ، وقد قال : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).
فإن قيل : هذا عقد اليمين لا يجب الوفاء به ، وهي :
المسألة الحادية عشرة ـ قلنا : لا يجب الوفاء بشيء أكثر مما يجب الوفاء باليمين ، وكيف لا يجب الوفاء به وهو عقد أكّد باسم الله سبحانه؟ حاشا لله أن نقول هذا ، ولكنّ الشرع أذن رحمة ورخصة في إخراج الكفّارة بدلا من البر ، وخلفا من المعقود عليه الذي فوّته الحنث. وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف ، وستراه في آية الكفّارة من هذه السورة إن شاء الله تعالى.
فإن قيل : فقد قال الشافعى : إذا نذر قربة لا يدفع بها بلية ولا يستنجح بها طلبة فإنه لا يلزم الوفاء بها.
قلنا : من قال بهذا فقد خفيت عليه دلائل الشرع ؛ وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لعمر (٢) : أوف بنذرك. وقد بينا قول الله عز وجل فيه وما ذا على الشريعة أو ما [ذا] (٣) يقدح في الأدلة من رأى الشافعى وأمثاله من العلماء.
وأما نذر المباح فلم يلزم بإجماع الأمة ونصّ النبيّ صلى الله عليه وسلم في الصحيح ، وهي شيء جهلته يا هذا العالم ، فادرج عن هذه الأغراض ، فليس بوكر إلّا لمن أمّنته
__________________
(١) في ا : ذلك.
(٢) حين نذر أن يعتكف يوما في الجاهلية. وقوله صلى الله عليه وسلم : من نذر نذرا سماه فعليه أن يفي به ، ومن نذر نذرا ولم يسمه فعليه كفارة يمين (أحكام الجصاص ـ ٣ ـ ٢٨٧).
(٣) من ل.