سورة هود
[فيها ثماني آيات]
الآية الأولى ـ قوله تعالى (١) : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا) بيان لما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات ، وذلك لأنّ العبد لا يعطى إلا على وجه قصده ، وبحكم ما ينعقد ضميره عليه ، وهذا أمر متفق عليه في الأمم من أهل كل ملّة.
المسألة الثانية ـ أخبر الله سبحانه أنّ من يريد الدنيا يعطى ثواب عمله فيها ، ولا يبخس منه شيئا.
واختلف بعد ذلك في وجه التوفية ، فقيل في ذلك صحة بدنه أو إدرار رزقه. وقيل : هذه الآية مطلقة ، وكذلك الآية التي في حم عسق (٢) : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ ...)
الآية ـ قيدها وفسرها بالآية التي في سورة سبحان ، وهي قوله (٣). (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ ..). إلى : (مَحْظُوراً) ، فأخبر سبحانه أنّ العبد ينوى ويريد ، والله أعلم بما يريد.
المسألة الثالثة ـ اختلف في المراد بهذه الآية ، فقيل : إنه الكافر ، فأما المؤمن فله حكمه الأفضل الذي بيّنه الله في غير موضع.
وقال مجاهد : هي في الكفرة ، وفي أهل الرياء. قال القاضي : هي عامّة في كل من ينوى غير الله بعمله ، كان معه أصل إيمان ، أو لم يكن. وقد قال النبىّ صلى الله عليه وسلم: قال الله : إنى لا أقبل عملا أشرك فيه معى غيرى ، أنا أغنى الأغنياء عن الشرك.
وقال أبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنّ الله جلّ ثناؤه إذا كان يوم
__________________
(١) آية ١٥.
(٢) آية ٢٠ من سورة الشورى.
(٣) سورة الإسراء ، آية ١٨.