ولو قطع على قول أهل التأويل من كسر خاتما لله لكان أهلا لذلك ، إذ من كسر خاتم سلطان عليه اسمه أدّب ، وخاتم الله تقضى به الحوائج ، فلا يستويان في العقوبة.
وأرى القطع في قرضها دون كسرها ، وقد كنت أفعل ذلك أيام توليتي الحكم ، إلا أنى كنت محفوفا بالجهال ، فلم أجب بسبب المقال للحسدة الضلال ، فمن قدر عليه يوما من أهل الحق فليفعله احتسابا لله تعالى.
الآية السادسة ـ قوله تعالى (١) : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ الركون فيه اختلاف بين النقلة للتفسير ، وحقيقته الاستناد والاعتماد على الذين ظلموا.
المسألة الثانية ـ قيل في الظالمين إنّهم المشركون. وقيل : إنهم المؤمنون (٢) ، وأنكره المتأخرون ، وقالوا : أما (٣) الذين ظلموا من أهل الإسلام فالله أعلم بذنوبهم ، لا ينبغي أن يصالح على شيء من معاصى الله ، ولا يركن إليه فيها.
وهذا صحيح ، لأن هذا لا ينبغي لأحد أن يصحب على الكفر ، وفعل ذلك كفر ، ولا على المعصية ، وفعل ذلك معصية ، قال الله في الأول (٤) : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) ، وسيأتى إن شاء الله تعالى. والآية إن كانت في الكفار فهي عامة فيهم وفي العصاة ، وذلك على نحو من قوله (٥) : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا ...) الآية. وقد قال حكيم :
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه |
|
فكلّ قرين بالمقارن مقتد (٦) |
والصحبة لا تكون إلا عن مودّة ، فإن كانت عن ضرورة وتقيّة فقد تقدم ذكرها في سورة آل عمران على المعنى ، وصحبة الظالم على التقيّة مستثناة من النهى لحال الاضطرار.
__________________
(١) آية ١١٣.
(٢) في م : المذنبون.
(٣) في ا : إن.
(٤) سورة ن ، آية ٩.
(٥) سورة الأنعام ، آية ٦٨.
(٦) في م : يقتدى.