والصحيح أنه خلقهم ليختلفوا ، فيرحم من يرحم ، ويعذّب من يعذب ، كما قال : [فمنهم] (١) شقىّ وسعيد (٢). وقال (٣) : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ).
واعجبوا ممن يسمع الملائكة تقول (٤) : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ...) الآية ، ويتوقف في معرفة ما يكون من خلق الله للفساد ، وهل يكون الفساد وسفك الدماء إلا بالاختلاف.
وقد قال أشهب : سمعت مالكا يقول في قول الله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) للاختلاف (٥) ، فقال لي : ليكون فريق في الجنة وفريق في السعير. وهذا قول من فهم الآية ، كما قال عمر بن عبد العزيز حين قرأ (٦) : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) قال : خلق أهل رحمته ، لئلا يختلفوا. ونحوه عن طاوس ، وما اخترناه ، وأخبرنا به هو الصحيح كما تقدم. والله أعلم. ألا ترون إلى خاتمة الآية حين (٧) قال : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) ، وهي :
المسألة السادسة ـ (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). ثم أخبر النبىّ أنّ أهل النار أكثر من أهل الجنة ، فقال : يقول الله يوم القيامة لآدم : ابعث بعث النار. قال وما بعث النار؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون للنار وواحد إلى الجنة (٨) ، فلهذا خلقهم ، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوّا كبيرا.
__________________
(١) من م.
(٢) آية ١٠٥ من هذه السورة.
(٣) سورة الشورى ، آية ٧.
(٤) سورة البقرة ، آية ٣٠.
(٥) في م : قال : الاختلاف ليكون.
(٦) في م : قال.
(٧) في م : حيث.
(٨) الحديث بتمامه في صحيح مسلم : ٢٠١